عن سوري

وعد الجرف

 

 

عن بكائه لأنه ترك أرض المعركة..

عن بداية صرخة في حنجرة أب دفن عائلته دفعة واحدة..

عن منتصف صرخة في حلق أم اختطفت ابنتها ليتناوب على اغتصابها مغول …

عن ذلها..!

عن قهرها!

عن نهاية صرخة طفل شهد التضحية بأبيه قبل عيد الأضحى !

عن رجفته، عن الدموع، عن الخوف في عينيه..

عن شاب خرج ليشتري عشرة أرغفة فعاد عشرة من أصدقائه إلى أمه ولم يعد هو..

عن رتل من الأحرار يعودون إلى بيته ليلاً ليهتفوا على شباك أمه: يا أم الشهيد.. نحنا ولادك..

عن أمه..

عن قلبها..

عن الحر يصعد الجبل جرياً بحثاً عن شبكة حتى يتصل بنشرة الأخبار..

عن الحر نفسه يذاع خبر استشهاده في النشرة التالية..

عن وجه أم تقابل قناصاً قَتَل ابنها ثم وقع في الأسر..

عن يدها وهي تصفع وجهه..

عن قلبها وهي تود لو تسأله كيف كان وجه حبيبي قبل الرصاصة الأخيرة؟ كان رايق مو؟

عن أختي تجمع أطفالها في الممرات خوفاً من دخول قذيفة من إحدى الغرف..

عن أختي تكذب تحت القصف: (نحنا بخير ياخي، إنتوا ادعوا لنا بس)..

عن من تبقى من المدن المذبوحة ينادي المدن التي تذبح : حنّا معاكي للموت !

عن مؤذن يصاب بشظية أثناء الأذان ويكمل: لا إله إلا الله..

عن مدينتي لا يرتفع فيها أذان الظهر اليوم لأن المسجد قصف، لأن بيت المؤذن قصف، لأن شارع المسجد قصف..

عن مدينته، مدينتها، مدنهم، ومدنهنّ..

عن المتّـة تعود شراباً ساخناً بعد أن كانت بطاقة فرار من معسكر التجنيد “الإلزامي”..

عن حرب تحرير المتّـة !

عن 2 فيتو × 3 مرات = 23 ألف شهيد ولسّا الخير لقدام !

عن: يا الله.. ما إلنا غيرك يا الله !

عن “الشيخ” فلان الفلاني يرسل استماراته إلى الجيش الحر أن بيعوني ولاءكم أغدق عليكم من مال جمعته لكم وبكم ولأجلكم وباسمكم، وإلا فلا كيل لكم عندي ولا تقربون!

عن الثوار الأحرار يعيدون له استماراته بيضاء مع درس لائق في الحرية !

عن خيبتي..

عن بكاء أحدهم..

عن يد أب تحجب الشمس عن وجه طفله وهو في الكفن !!

(هاد ابني.. حرام تصيبو الشمس)

عن جدّ يمسك ساق حفيده المبتورة في يده ويصرخ في السماء..

عن أطفالنا يمرضون فنجوب بهم المشافي بحثاً عن دواء..

عن حبيبتي..

عن سورياً أردت أن أحدثكم.. لكنني لست أهلاً.

 

 

 

الصورة: لارا حداد

 

عن دحنون

دحنون
منصة تشاركية تعنى بالكتابة والفنون البصرية والناس.