أحب أن أرحل دائمًا. يشبه الأمر أن أختبئ تحت السرير، ثم يبدأ الجميع بالبحث عني، أشعل سيجارة وأراقب العالم من تحت سرير صغير، تلك تسليتي حين أفشل في توجيه رصاصة إلى رأسي.
**
لا خصوصية معينة في الأماكن، هي قدرتك فقط على خلق مخزون آخر للذكريات في كل مكان جديد تقصده، ثم تسعى لأن تصمد أمام كثافة التفاصيل تلك، أن تتنفسها وترحل بها بعيدًا لكنها تعلق في رئتك كقنفذٍ يشهر أشواكه كلما شعر بخطر الإقتراب، ذلك الوخز الوغد يبقيك على قيد الحياة يوما آخر..
**
الرحيل فنٌ أيضًا، لا يشبه الفنون الأخرى، لكنه ولسبب ما قد يكون أعمق وأكثر جدوى
لا تحفظك الوجوه ولا تطغى رائحتك على نسيج الأماكن
تختلط أنفاسك بأنفاس غرباء.. آخرون، تلبية لوظيفة فيزيولوجية لا شأن لك بها تقاسمهم حيزًا من الفراغ صدفة ثم ترحل أنت ويرحلون
ليس عليك أن تقدم ولاء الوداع لأحد لا معانقات ولا بكاء أيضا حتى لا يبقى أي أثر للملح الداكن تحت جلدك الطري
عليه أن يكون خاطفا سريعًا، كانبثاق شامة من العدم، لا ذكريات، لا حنين
.. هو فقط أغنية جميلة تنتهي
**
لم أكن أنا من افتعل نصف حريق حين رغبت بإزاحة كل تلك الستائر عن النافذة لينفذ الضوء فقط، لم يفهم أحد ذلك، ظنوا اني أشكو من اضطراب ما حين ألهبت النار بالستائر،
عرضوا علي المساعدة، بقيت أردد ذلك لأيام
أنا لست مجنون
أريد الضوء فقط .
**
حراسة الأسرار ليست بالأمر السهل كما تعلم، عليك أن تكون متيقظًا دائمًا وأن تنام مفتوح العينين، طبعا
على الأسرار أن تكون فاضحة دائما، احتفظ بواحدة أو إثنتين لنفسك، والباقي أسرده لحشد نظرات مسعورة ودهشة.
**
ابحث عن الدهشة، التقطها كفراشةٍ واطبق يديك عليها جيدًا، حاذر أن تفقدها، عش برعب فقدانها دائمًا، كأنك ستموت لحظة فقدان فراشتك هذه، وحدها الدهشة قادرة على خلق نبضة صغيرة و سريعة في قلبك.
**
هناك فتاة صغيرة تشعر بالملل تتسلى بوخز رؤوس أصابعك بالكثير من الدبابيس، تأخذ شكل بحر أحيانًا
وأحيانًا أخرى كطرق مباغت على الباب حين لا تنتظر أحدا
**
كل ما يطرأ على اللحظة من ضجيج يجردها من ألوهيتها وحدها اللحظات الصامتة تكون جميلة فقط
تلك التي لها أثر طفيف على الذاكرة
أثر يتناثر بخفة
كغبار تخلفه سرب حمامات حين تعلو للسماء
لذلك عليك أن تكون كذبة فقط لتنجو من الانتهاء كأنك لم تكن يوما ولم يكن كل ذلك.
أما الآن فعليك أن تحيا وفاء للعدم أن تحمل ثقل وجودك بتفان تام وأن ترتب لجنازتك، كما تخطط لقضاء عطلة قرب بحيرة.
**
المجاز يصبح سافرًا كأنك تمشي في الشارع كاشفا عن أعضاء جسدك
هذا جسمي، هذه هي لعنتي الأزلية
قلبي ورئة معطوبة بثقب وحيد تصلح لعازف ناي
شعرة بيضاء اكتسبتها أيضًا في غفلة عن الحقيقة
ذراعان مشدودان لجذع بلون القمح تصلحان لمعانقة حزن جلجامش العتيق.
لكنك وحدك وحائر كبتلات وردة بين يدي عاشقة حائرة بدورها تنتزع منك رجفة كلما سألت القمر ليلًا يحبني أو لا يحبني، تنتهي البتلات وتبقى العاشقة حائرة وتبقى أنت وحدك نقطة سوداء في الفراغ
لكنك مازلت أنت رغم كل ذلك الوقت الذي مر سريعًا أمامك كفأر، تحدق في عين الفضيحة بثبات
كأنك شيء ما
عبرك الوقت لكن خوفك لم يفسد ككل الأشياء الأخرى، ما زلت خائفا حتى عيونك الفارغة مازالت تحلم بشباك مفتوح على مقبرة.
**
في الأمس طرحت عيني كتلة لحمية سوداء، لم أكن أعلم أن العيون قادرة على الإنجاب، لم أتألم، كان المشهد مخيفًا وغير اعتيادي فقط، بعد الفحص تبين أن هذه الكتلة اللحمية ذات طابع هش ومالح،
أغلب الظن أنها أجنة لأمهاتٍ على شكل دموع، كانت حالتي هي الأولى، لم تسجل أي حالات مسبقة، لكن الأطباء يتنبأون بحصول حالات مشابهة في المستقبل، الأمر لا يستدعي القلق لن تتألموا، بالأحرى لن تشعروا بأي شيء سوى الذعر،
أظننا جميعا نحتاج مزيدًا من الذعر والخوف عقابا لنا على كل ذلك الخيال الساذج،
أتمنى ان تقاسوا ذلك قريبًا، أشعر بسعادة لمجرد تخيلكم بهذا الموقف، جهزوا قبورًا صغيرة، استعدوا لكل تلك الجنائز القريبة،
ولا تنسوا أن تشكلوا جوقات للتغني بهذا الترف حولنا، هيا صفقوا فقط، صفقوا لهذه المرأة التي تكشف عن عريها الفج ثم تدعوكم لمداعبة سريعة فوق سرير الزمن، صفقوا لهذه الزنزانة التي تدعى الحياة.
**
هل نسيت اسمك في مكانٍ ما؟ قالت له المرأة الحزينة وضمت نفسها كأنها عنقود عنب لأنها لم تكن تجيد
البكاء كانت تجيد الرقص فقط، ثم ماتت أيضًا دون موسيقا تذكر.
**
هل يؤكل الحزن؟ سأجرب أن أكل حزنك كله، لكن أرجوك لا تمت وحيدا قبل ذلك .
**
تحب أن تنجب طفلًا؟ لا، أنت؟
لا أعلم، ربما، أعتقد أي
ماذا ستسمينه؟
لا أعلم لم أفكر بذلك بعد
هل سننجب طفلا؟
إذا أردت، سأشعر تجاهه بعاطفة طبعًا، لكن للحظات فقط
لئيم أتمنى آلا يأخذ منك شكل أنفك.
يجب عليك تسجيل الدخول لاضافة تعليق.