إلى سلمى

*أمل نسيب

 

 

اسلوب اعتادت ان تستخدمه كلما أنهكتها شقاوة ابنتها ” رح نادي للي بياكل الولاد هه ” كانت هذه العبارة بمثابة عقوبة قانونية ضد الصراخ الهستيري الذي كانت تطلقه !! علها تصمت …أو ربما تنام ككل أطفال الحي

لكن سلمى لم تكن كباقي الأطفال … فعيناها تقطران قوة.. وفمها الصغير لا يتوقف عن الحركة … لها ضحكة رنانة تطلقها في معظم الأحيان كي تخبرنا انها ” هنا “

في عالم الأطفال أيضاً هناك مكانٌ لشخصيات قيادية وبارزة … ومع ما تتمتع به سلمى من انوثة بريئة كانت تستحق لقب ” جنرال ” عن جدارة ,, لكن أمها استبدلته بكلمة ” متمردة ” فرددت هذه الكلمة على مسامعها كثيراً …. لكنها لم تعبأ بها يوماً بل كانت في كل مرة تتلمس أنفها الصغير ساخرة .. وكأنما التمرد من ابتكارها

منذ أسابيع اطفأت سلمى شمعتها السابعة … ورغم ما حل بمدينتها من دمار أصرت أن تحصل على احتفال صغير بعيدها ,, فشلت كل المحاولات لإقناعها بفداحة الفكرة فقد أعلنت اضراباً مفتوحاً على طريقتها حتى كان لها ما أرادت !!

اليوم تحتفل سلمى مجدداً !! لكن المناسبة مختلفة …. لقد مرت ثلاثة اسابيعٍ على مغادرتها المنزل .. لم تكن رحلة عائلية او ” سيران ” ……… لم تستطع ان تتذكر تفاصيلاً !!! فقط تذكرت انها في ذلك اليوم خرجت وراء جموعٍ من الناس كانوا يرقصون ويصرخون ….كانت اللغة مفهومة ولكن المعاني بدت لها مضحكة وجميلة “” الموت ولا المذلة “” لم تعنيها العبارة بقدر ما عناه الصراخ ,, لم تكن امها بين الجموع !! لذا فقد علا صوتها حد السماء وهي تردد “” الموت الموت الموت ولا المذلة ” كانت تتبع الهتاف بضحكة جنونية لا تخلو من سخافة بريئة.

أضاءت سلمى شمعتها من هناك .. وعندما حل وقت الأمنية بكت , تذكرت والدتها بحسرة !! احست بأنها خُدعت !! كيف لا و أمها لم تخبرها بأن عقوبة الصراخ تلك كانت حقيقية !! وان من يأكل الأطفال هو الآخر حقيقي .

 

الى كل سلمى في بلادي أُزهِقت ضحكاتها

 

 الصورة: نيروز أبو جمرة ©

عن دحنون

دحنون
منصة تشاركية تعنى بالكتابة والفنون البصرية والناس.