نميريات – ٢

جدتي 
التي كان وزنها لا يزيد عن ٣٠ كيلو غرام قبل ان تموت 
والتي آثرت ان لا تموت دفعةً واحدة 
فتعطلت أعضاؤها تباعاً
وتساقط شعرها المحنّى إلا خلصة منه في شدق الناصية
والتي – لست أدري – ان كانت القذيفة التي نزلت في مقبرة دوما قد نثرت رميمها الجو ..
أراها تحمل سبحتها الطويلة ذات الألف حبة
في زاوبة القبر.
وأنها تلعن روحك و روح أبيك وأمك 
يا غريم الموتى.

……

مررت اليوم بجانب مقبرة.
سلمت على سكانها الذين لم ينقص من أعضائهم شيء
والذين لم يضطروا لامتلاك لياقة عالية للهروب من الرصاص حتى يصلوا إليها
ولم يصطحبوا معهم أحداً من المشيعين
والذين يمتلك واحدهم مكانه الخاص، لايشرك به أياً من أقاربه أو أصدقائه او جيرانه
كان المكان مسوراً وفسيحا بما يكفي لألّا اشتبه انه كان حديقة عامة، و فناءً خلفياً لاحد المنازل
أن تكون سوريّاً، يعني أن تكون ملمّاً بمثل هذه التفاصيل، وأن تكون اشد ما يمكن أن تكون بعداً عن العفو
العفو عند المقبرة

……

لو أنّ هذه الحرب العظيمة تقع -قال أحدهم – فنفتكّ من المغص الذي تسببه إرهاصاتها

……

ما الذي يجعل مخاض البلاد عملية صعبة ومؤلمة؟ 
صعبة, لأن الشعب راسه كبير 
ومؤلمة, لأن الجميع ينظرون إلى فرجها

……

لا يوجد خيط مناسب لرتق رأسٍ شُجّ بالحجر الأسود

……

للطاغية – لكل طاغية أعني – 
هاوية سحيقة 
لا تدع في بدنه عظمة على أختها 
تقع بين السبابة والوسطى 
في يد طفل أشعث

……

عندما يقذف الدم كرياته بهذه الصرامة لا بد أن يحرز هدفاً

……

أتسمع شيئاً؟
• سوى ذلك الصوت – صوتُ الربابة – يشطر قلب الفضاء الفسيح ورقص منه رقاب البهائم.
لا شيء أحكيكَهُ.

أتشتمّ شيئاً؟
• دخان سميك النوى. لا يميز فيه اختلاط الذبيحة بالسنديان، سوى من تقلّب في ذلك الجمر – وقتاً طويل الدجى – قلبُه.

أتبصر شيئاً؟
• نعم
أرنبٌ ابيض اللون يعدو.
فتاةٌ يشق على الناظرين الى وجهها الشك بالله.
ضوءٌ خفيف تزلج فوق العناقيد ثم ارتمى هائماً فوق ذاك الترابد.

وما غير هذا؟
• وروداً تمايلُ -حين النسيم- يجيء خفيفاً 
سوى ذاك، لا شيء؟ 
لا، لست ادري

تمهل!.
عصافير تقفز فوق جدار عليه
بما يشبه الحبر.

اركض، هنالك قناصة في الجوار.
يابن اللعينة، اركض سريعاً!