الصفحة الرئيسية / نصوص / رأي / ثقافة اﻷسئلة
نحن الشعب

ثقافة اﻷسئلة

أحمد نسيم برقاوي

 

خلقت الثورة حقلاً جديداً في ممارسة الوعي، أهم معالمه البدء بتحطيم ثقافة الاجوبة التي فرضتها سلط الاستبداد الحاكمة منها وغير الحاكمة وشق الطريق امام ثقافة السؤال. حتى ليبدو الصراع صراعا بين نظام ليس لديه القدرة على طرح الاسئلة وثورة تضج بالاسئلة.
فالنظام لم يتساءل ابدا لماذا قامت الثورة لماذا صاحت الاكثرية : الشعب يريد اسقاط النظام لماذا انتفض الريف السني كله ضده لماذا انتفضت المدن كل مدينة على طريقتها لماذا انشق الضباط والجنود لماذا حمل الشعب السلاح الخ.. بل اكتفى بجواب عملي جاهز:
هناك معارضة يجب القضاء عليها بالقوة ودون ان يتساءل ايضاً عن مدى قدرة القوة هذه على الحسم.

فيما الثورة طرحت من بداياتها الاسئلة الصحيحة: ما هي سوريا التي نريد .كيف نحقق سوريا التي نريد كيف نقيم التعايش بين سكان هذا الوطن في دولة الحرية كيف يمكن ان ننتقل الى بنية جديدة دون دماء والحفاظ على ما هو حكومي.واسئلة اخرى كثيرة. وقد تكون هناك اسئلة خاطئة جوابها بالضرورة خاطئ لكنها تندرج في ثقافة السؤال التي حرم منها المجتمع طويلا.

لكن بقايا ثقافة اﻷجوبة عند بعض القائمين على مسار من مسارات الثورة منعتهم من طرح الاسئلة الصحيحة من قبيل: ما هي مصالح الغرب وامريكا في ثورة كهذه؟. ما هي حدود الدعم الخارجي للثورة؟. ماهي مضامين الخطاب الاوربي والامريكي؟. ما هي اهمية سوريا بعامة واهميتها بخاصة للغرب. ولأن اسئلة كهذه لم تطرح، كانت الدهشة والشعور بالإحباط من مواقف الغرب وبالتالي شتمه احيانا والحديث عما وراء الطاولة احيانا اخرى.

لم يطرح البعض خطر الاصولية العنفية الغارقة في ثقافة الاجوبة حتى اذنيها والتمييز بين الثورة الشعبية المسلحة التي تريد سورية بلا عنف في المستقبل وبين مقاتلين يعتقدون انهم يقاتلون من اجل اﻹله.
انتجت الثورة ثقافة النقد داخلها والذي يصل حد التجريح هذا لان الجميع ولد لديهم شعور الاسياد. والنقد هو ملمح اصيل من ملامح ثقافة الاسئلة.
هذا لا يعني ان ثقافة اﻷسئلة تقود الى واقعة ان السؤال الصحيح يقود بالضرورة الى جواب صحيح. بل انه قد يكون هناك جواب خاطئ عن سؤال صحيح. وهذا امر يقع في احد مبادئ الحرية أﻻ وهو: إن من حق اﻹنسان أن يخطئ.

 

 

الصورة: عن موقع تنسيقية شباب الرقة

عن احمد نسيم برقاوي

احمد نسيم برقاوي
مفكر فلسطيني سوري، أستاذ الفلسفة في جامعة دمشق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.