العيون نوافذ الروح..
فيلم Big Eyes (عيون كبيرة) من إنتاج 2014 عن قصة حقيقية عن حياة الفنانة التشكيلية الأميركية مارغريت كين. تلعب دورها إيمي آدامز.
بعد الحرب العالمية الثانية في الخمسينيات عانت مارغريت كامرأة انفصلت عن زوجها في زمن لم تكن المرأة في نيويورك قد حصلت على مكانتها بعد. ولتعيل ابنتها الصغيرة تعمل في شركة أثاث ترسم على أسرّة الصغار أشكالًا لطيفة، وتقف في الحديقة لتعرض على الناس أن ترسم لهم بورتريهات.
للوحاتها ميزة خاصة ملفتة، فهي ترسم دوما أطفالاً بعيون كبيرة.. كبيرة جداً.
لماذا؟ يسألها والتر، الذي لعب دوره كريستوف والتز، فتجيبه: العيون نوافذ الروح.
والتر أيضًا يعرض لوحاته في الحديقة، لكنه بلا موهبة حقيقية سوى شطارته في التسويق والبيع اكتسبها من مهنته كسمسار عقارات. ولكن إن لم يكن لديك منتج جيد أو فرقعة إعلامية في نيويورك فلن يلتفت إليك أحد. “الطيبة لا تجني المال”.. يقول والتر.
بعد أن تزوج والتر مارغريت يتشاجر مع صاحب حانة عرض فيها لوحاته ولوحاتها، ينتقل الشجار إلى الصحافة، يستغل والتر أصداءه جيدًا، فتباع كل اللوحات. أقصد لوحات الأطفال ذوي العيون الكبيرة.
مارغريت امرأة في زمن الخمسينيات الرومانسية الحالمة توقع بكنية زوجها (kane). الوسط الفني وعالم نيويورك لن يشتري أحد فيه لوحات رسمتها امرأة! يقنعها بهذه الفكرة ويبدأ ببيع اللوحات وإجراء المقابلات الصحفية والتدرب على حكايات ملفقة تقنع الناس بأن هذا الرجل المادي الضاحك هو صاحب الرسومات الشفافة العميقة التي تحكي عن أطفال الحرب والتشرد والمعاناة.
تبقى مارغريت في الظل، تقبض على والتر يستخدم عبارتها (العيون نوافذ الروح)، يستعر في داخلها قهر هي أضعف من أن تتغلب عليه، تحت سيطرة زوج يأخذها دوما بالكلام المعسول والحجج، وينجح في صنع امبراطورية كين الفنية والمالية بمساعدة صحفي.
عشر سنوات مرت، ومارغريت حبيسة مرسمها بلا أصدقاء، ترسم بالسر المزيد من اللوحات، حتى أنه يجبرها على أن تخفي عملها عن ابنتها جين ليستمر في خداع العالم وحصد الشهرة والأرباح.
لم يعد والتر يشبع، يبيع حتى البوسترات المجانية عندما يرى إقبالا عليها. الجشع يتنامى، أصبح يرغمها على أن ترسم لوحات كهدايا للمشاهير والشخصيات العامة والسفراء واليونيسيف. صاحبة الموهبة الفذة تغير تقنيتها الفنية التي أصبح يجيد الحديث عنها وترسم بورتريه لنفسها. يقول لها والتر: لقد خذلتني! سيكون صعباً علي أن أشرح هذا!”
اللوحات الجديدة تلفت الأنظار أيضاً، مما أربك والتر فيسارع ليقطع عليها الطريق، لكنها تستمر بإصرار على تذييل اللوحات بثلاثة أحرف من اسمها. يغضب الزوج ويحاول حرقها وحرق لوحاتها، ويساومها على مئة لوحة جديدة ترسمها له في مقابل.. الطلاق.
“سكوتٌ آخر سيكون أسوأ من جريمة” يقول الراوي.
كيف استطاعت مارغريت أن تربح قضيتها أمام والتر لتسترجع حقها في نسب لوحاتها لنفسها؟
مشهد المحاكمة وفيه تظهر حقيقة شخصية الزوج وتركيبته السيكولوجية وتنتصر العدالة لمارغريت. بمعنى آخر، الموهبة الأصيلة تنتصر لنفسها.
هذا الفيلم متعة بصرية لهواة الفن التشكيلي حيث يستعرض لوحات الفنانة الأميركية مارغريت كين من خلال قصة حياتها وكفاحها وتطور أسلوبها. وهو متعة روائية سينمائية للذين يحبون الحكايات المبنية على القصص الاجتماعية الواقعية، ففيه نرى تطور المكان والزمان والموضة والمفاهيم والقوانين في مدينة كبرى كنيويورك.
كم امرأة في هذا العالم قدمت جهدها وتعبها وراء رجل يبدو عظيماً؟!
كم امرأة استطاعت أن تستعيد ثقتها وحياتها وتحارب من جديد؟
فيلم “عيون كبيرة” ملهم جداً إنسانياً كيلا ترتكب امرأة ما خطأ الصمت بحق نفسها مرتين.
إخرام: تيم بورتون
النص: سكوت ألكساندر ولاري كارازفسكي
مدة الفيلم: 150 دقيقة
يجب عليك تسجيل الدخول لاضافة تعليق.