ماذا تعتقدون أنه سيحدث لو أن رجلين اجتمعا على كوكب آخر بعد أن تهددت الحياة على كوكب الأرض؟
هذا ما سيحاول فيلم المتعلق بالنجوم Interstellar أن يجيب عنه.
الفيلم وجبة غنية من شطح الخيال العلمي. والشاعرية أيضاً. التصحر يأكل الحياة على الأرض والكوكب الذي يضمنا مهدد بالفناء بموجات غبار هائلة. لا نعرف ما الذي يحدث في باقي أنحاء العالم، لكن الغذاء مهدد، وفي هذه البلدة الصغيرة لم يبق سوى حقول الذرة، والمهندس والطيار ورائد الفضاء د. كونر (ماثيو ماكونهي) يحاول العثور على إجابات ضمن الظواهر الغريبة التي تحدث. يوصله فضوله وبحثه إلى محطة مخفية لوكالة ناسا. وكعادة الأفلام الأميركية عليك أن تتجاوز المنطق، فهذه المحطة ليست موجودة هنا بالصدفة ود.كونر مختار من قبل طاقم العلماء ليقوم برحلة بحث عن كوكب جديد في الكون يكون بديلا يصلح للحياة لإنقاذ ماتبقى من البشر!
في حوار مع معلمة ابنته مورف في المدرسة، التي تزعج أساتذتها بذكائها، نعرف كم هذا الرجل مؤمن بقدرة العلم على الإنقاذ تقول المعلمة:
“الصعود إلى القمر كان حملة إعلامية ذكية، جعلت السوفييت ينفقون أموالهم على الصواريخ والآلات عديمة الفائدة. لنتفادى التبذير الذي حدث في القرن العشرين علينا أن نعلم أبناءنا عن هذا الكوكب، وليس حكايات عن كيف يغادرونه”.
كونر: “من الآلات عديمة الفائدة، اختُرع جهاز الرنين المغناطيسي، الذي لو كان متوفراً الآن لاستطعنا تشخيص مرض زوجتي باكراً”.
لكن ناسا في الفيلم ليسوا معنيين بإنقاذ الأرض بل بمغادرتها.
ميلر، مان، إدموند.. رجال ذهبوا لإنشاء مستعمرة في الفضاء تمنع انقراض الجنس البشري، رحلة لازوراس ستتبع برحلة أخرى يشارك فيها، كل من روميلي وإيميليا وإدموند وكونر والرجل الآلي تارس.
في لحظة المغادرة، يلقي البروفيسور براند مدير المشروع (مايكل كين) قصيدة للشاعر البريطاني ديلان توماس:
لا تستسلم بهدوء للّيلة الأخيرة،
الشيخوخة أولى بها
أن تشتعل وتهتاج مع نهاية النهار
انتفض انتفض على موت النور
العلماء يعرفون أن الظلام حق لأن كلماتهم لم تثر البرق.
ستتكرر هذه الكلمات في الفيلم. فهؤلاء العلماء في رحلة المجهول سيواجهون الكثير من الظلام وعليهم أن يقاوموا. بعد أن يغادروا الغلاف الجوي عليهم أن يدخلوا في الثقب الدودي ويقاوموا الثقب الأسود غارغانتوا الذي يمتلك جاذبية هائلة هي واحدة من أسباب إمكانية الحياة من عدمها. فعلى كوكب ميلر الكثير من المياه لكن الجاذبية الهائلة تجعل المد والجزر عاتيا بحيث تستحيل الحياة مع أمواج كالجبال تحطم كل شيء. وعلى كوكب مان حيث الغيوم جليدية ورحلة سابقة بقيادة د.مان وجدت الماء فيه لكنه قلوي والهواء ملئ بالأمونيا.
الفيلم حافل بالنظريات العلمية والمقولات التي جعل منها السينارو أشبه بالقصائد:
– لا شيء يهرب من أفقه حتى الضوء.
– الوقت نسبي يمكن أن يتمدد أو يتقلص لكنه لا يرجع إلى الوراء الشيء الوحيد الذي ينتقل عبر الأبعاد مثل الزمان هو الجاذبية
– سكان الكواكب الجديدة يتواصلون بالجاذبية، ربما يكون الوقت بالنسبة لهم جسم فيزيائي محسوس، ربما يكون الماضي وادٍ ينزلقون فيه، والمستقبل جبلٌ يصعدون إليه.
– سأنفق كجرذ، أنا فيزيائي عجوز لا يخيفني الموت، أخاف من الوقت
– الحب ليس شيئا اخترعناه، إنه قوة نشعر بها، وإذا كانت له منفعة اجتماعية لماذا نحب أشخاصاً ماتوا؟ لا منفعة في ذلك. الحب دليل ما أو أداة من بُعد أعلى لا نستطيع إدراكه.
– لايهم أين كنا وأين صرنا، المهم أين نحن الآن وإلى أين سنمضي.
– قانون نيوتن الثالث: الطريقة الوحيدة ليكتشف الإنسان طريقه هي ترك شيء وراءه.
-غريزتنا في البقاء هي أكبر مصدر للإلهام – الطبيعة مخيفة لكنها ليست شريرة.
أجل الشر في داخلنا، وغريزة البقاء… وعندما سيجتمع رجلان على أرض جديدة ويتغلب شر أحدهما على الآخر، سنكون أمام قابيل وهابيل جديدين ويبدأ الصراع من البداية.
يبدو أن صناع الفيلم قالوا لأنفسم لنذهب في الخيال أبعد من الخيال.. وهنا بعد أن سقط كونر في الوقت كبعد زمني ملموس خماسي الأبعاد، وعبرت الجاذبية الأبعاد بما فيها الزمن.. أسقط في يدي وتابعت بمتعة المشاهد التقنية عالية الدقة، وتركت للمنطق حرية أن يستسلم للنوم.
هل يكون كلام المعلمة صحيحاً وكل هذا تبذير وإضاعة وقت؟. هل يكذب العلماء؟. هل هم مجرمون أم أنبياء؟
من أنقذ من؟. كيف وأين التقى دكتور كونر الشاب بابنته العجوز؟
لا لن أحرق عليكم الكثيــــر من مفاجآت الفيلم.
إذا كان لديكم الصبر لمتابعة 3 ساعات من الخيال التي لا تخلو من العاطفة والدهشة. ففي كل ساعة في الفضاء سبع سنوات مما تعدون، عدا شعرية الصورة والنص والغرق في رومانسية الإنسان وخياله التي أوصلته إلى هناك، فهل ينجح في العثور على عالم آخر؟!
إخراج: كريستوفر نولان
سيناريو: كريستوفر نولان وجوناثان نولان
المدة: 2:49 دقيقة
من إنتاج 2014
يجب عليك تسجيل الدخول لاضافة تعليق.