طوال الأربعة أيام الي رافقنا فيها لم أتوقف عن مراقبته وطريقته بالمشي، جسم ممشوق … ضهر مقوس. خفيف هو على الأرض حيث كعباه لا يلامسناها أثناء المشي، وكأنني بحضور راقص لا ثائر من الجيش الحر.
هو غيث أو كما ينادونه أصدقاؤه أبو دياب. ملازم أول في الجيش وطالب سنة ثالثة بجامعة حلب.
رحلة تشرده بدأت منذ عشرة أشهر عندما إنشق عن الجيش النظامي ليلتحق بالجيش الحر “كتيبة أحرار الطبقة” في الرستن، ومن ثم لـ تل أبيض، ومن هناك إلى مَسكَنة، ومن مَسكَنة إلى الدبسي، من الدبسي إلى الطبقة وصولاً إلى الرقة.
— مشتاق للجامعة؟
– والله مشتاق خير الله للجامعة.
إضطر غيث للالتحاق بالكلية العسكرية اختصاص فني طيران لحاجته للراتب في إعالة أهله وترك كلية الاقتصاد بعد أن تم قبولة بجامعة تشرين، ليعود لاحقاً ويلتحق بكلية حلب قسم الحقوق.
— حسب ما خبرتني، اعتزلت القتال ورحت ع البرية، ليش ارجعت؟
– اسمعت خبر “كتيبة أحرار الطبقة تأسرالعميد رئيس فرع أمن الدولة”، بلشت أَفكر إنو أنا قاعد هون ورفقاتي عم بيصير عليهم شي ما يعلم فيه غير الله، بدي أَروح. تاني يوم الصبح اركبت ورحت ع الطبقة.
غيث ومثل كثير من شبابنا السوري متدين، مُنع من ممارسة طقوسه الدينية خلال فترة حكم البعث.
— بتآمن بالجهاد؟
– أيه والله بآمن بالجهاد
— فكرت فيه من قبل؟
– لاوالله ما فكرت فيه.
حُررت الطبقة من قبل أبنائها ليبقى رزقهم معلقاً على حبل غسيل النظام، حيث قام بقطع رواتب العاملين في مؤسساته بعد التحرير.
— طيب انك تترك الجيش الحر واتلاقي عمل لحتى اتعيل أهلك هدا مو جهاد؟
– طبعاً جهاد بس شو أَشتغل، وين في شغل هلأ بسوريا؟ بعدين لا كلية اتخرجت منها وما بحياتي مارست عمل غير الجيش، ومافيني فكر بالسفر لإنو مامعي لا هوية ولا جواز سفر.
“أتخيل إنو أليس في بلاد العجائب وين؟ بـ هولندا”