الصفحة الرئيسية / زوايا / حبر حر / الدابي والدستور وكشف المستور

الدابي والدستور وكشف المستور

الاستفتاء استجداء المجرم
 
من مهمات محكمة الجنايات الدولية وفق ميثاقها وأهداف عملها، إنه يحق للمحكمة أن تطالب بتسليم المسؤولين عن أي عملية قتل جماعي يذهب ضحيتها أكثر من 7 أشخاص في وقت واحد وفي أي مكان بالعالم في حال رفضت السلطات المعنية في البلد المعني تقديم الجناة إلى العدالة العلنية

وفق لهذه المادة المضطربة ، عرف النظام منذ أن بدأ بمجزرته يومي 18 – 19 آذار في درعا أنه ذاهب إلى .لاهاي بصفة بشار الأسد المسؤول الاول عن قيادة الدولة والمجتمع.

فلم يبق سبيل له سوى الإنكار وابتكار المعادل الموضوعي للجريمة عبر خلق تشويش منظم عليها عن طريق إثبات وجود الجماعات ” الخارجة عن القانون” التي تطلق النار على الجميع لخلق الفتنة والإضطراب في المجتمع، فتصبح عملية إدانة القتلة مستحيلة

فنتيجة أي تحقيق عادل كانت ستكون حتمية بإدانة بشار الأسد بشخصه، ولكن نظرا لكونه القائد العام للجيش والقوات المسلحة و وفق للدستور السوري، فلا سلطة تشريعية ولا سلطة قضائية ولا سلطة تنفذية لأحد سواه

بدأت المحاولات الأولى لإثبات نظرية الجماعات المسلحة عبر تصوير مجموعة من الملثمين يطلقون النار على الأشجار، وبعدها تتالت عبقرية الإعلام السوري في خلق التشويش المنظم على الحراك السلمي، فبينما تابعت فرق الموت التابعة للأمن و الجيش الأسدي القتل الممنهج للمتظاهرين والعناصر الفقيرة من سرايا حفظ النظام، والأمن والجيش لتخرج السؤال المبلبل ‘من يقتل الأمن والجيش؟؟…. من يقتل من في سوريا؟؟‘ وبدلاً من التركيز على جرائم النظام بحق شعبه، تبدأ طاقة الجماهير بالتشتت وخلق افتراضات جديدة حول وجود العصابات المسلحة

هذا التكتيك الذي يقوم على النشويش ومنع أي اعتراف قانوني أو إعلامي أو نفسي بوجود المعادل الموضوعي للقتل أوصله إلى ابتكار ما سماه حزمة من الإصلاحات الشكلية التي كان من ضمنها إلغاء قانون الطوارئ. الفكرة الجوهرية من إلغاء هذا القانون السيء الذكر – على عكس ما فهم الكثيرون- هي حماية بشار الأسد شخصيا و نظامه القمعي من الملاحقة القضائية و القانونية.

و من محكمة الجنايات الدولية و من تحويله إلى مطارد دولي كمجرم حرب وعدو للإنسانية، فضرب بذلك عصفورين معا الأول حول نيته الإصلاحية بالغاء قانون الطوارئ. الذي يمكن أن يعود عنه في أي وقت، والثاني تشتيت المسؤولية القانونية حول المسؤولية الجنائية والقانونية لمرتكب الجرائم ضد الإنسانية في سوريا.

بعد ذلك، دأبت العناصر الأمنية الموالية على بث الشائعات حول عدم قدرة الأسد على السيطرة على الأجهزة الأمنية، وإنه وعد الوفود التي قابلته بالعدالة وأنه أقسم للشيخ الصياصنة مثلا بإنه لا يعرف ما حدث في درعا،

وبأنه كان صارماً في إعطاء الأوامر بعدم إطلاق النار، و نقل عنه أيضا تململه المتكرر بأن أفراد الجيش والأمن غير مدربين أو مجهزين لمواجهة المظاهرات الشعبية، أضف إلى ذلك زلة لسانه مع الصحفية الأمريكية بأنه ليس مسؤول عن أفعال الجيش، فهو جيش سوريا وليس جيش بشار.

ما سبق ذكره يفسر أيضاً فرحة وزير الخارجية، الذي حوّل نفسه إلى مهزلة منتفخة، يوم عرضه شريطاً يحمل أدلة دامغة عن العصابات المسلحة الموجودة في سوريا، شريط بقي حمقى الموالين يتداولونه طوال أشهر أمام وسائل إعلام العالم، ليكتشف العالم نفسه إن الشريط قديم و موجود في طرابلس لبنان، فخرج الوزير برتبة كائن بأذنين كبيرتين.

 

الدابي والدستور . وكشف المستور

معرفة لماذا اختارت ” قطر ” الجنرال الدابي قائدا لفريق المراقبين العرب المثير للضحك وهم يرتدون السترات الخاصة بجامعي القمامة في سوريا يقودنا إلى إن الأنظمة العربية فعلا لا تريد أن ترى رئيسا عربيا في لاهاي، بعد أن أدماها منظر مبارك خلف القضبان، حيث أن المكان الطبيعي الحيوي المعد لهم على ما “يبدو هو جدة

الجنرال الدابي هو اختار قطري سعودي، متورط أخلاقيا في مجازر دارفور، متضامن نفسيا مع النظام السوري، أخذ للشرعية الدولية كقائد للمراقبين، وهنا تمت صفقة كبرى لتبرئة بشار الأسد فعلا من قبل الدابي ومن بعثه شخصيا، والأيام ستكشف الكثير حول تواطأ من يدعم الثورة السورية علنا ويقزمها سرا.

فقد أكد الرجل بوثيقة رسمية موقّعة من الجامعة العربية، إنه شاهد العصابات المسلحة بأم عينيه وعيون المراقبين..

نعم إن من اختارت الدابي وناضلت ليكون قائدا للمراقبين هي قطر؟ إنها من وفرت نصف خروج من دائرة محكمة الجنايات الدولية.

من كل هذه المهزلة نستخلص إن الهدف هو إيجاد الوثيقة القانونية التي بحوزة النظام وتغنى بها وليد المعلم، الوثيقة القانونية التي تضعف محاكمة بشار في لاهاي. ثم إنتهت مهمة المراقبين ومهمة الدابي، واستقال من اللجنة وخرج منها ليدخل التاريخ من بابه العصيب

 

الاستفتاء استجداء القتلى

كل ما سبق يقودنا إلى أن طرح “الدستور” المفصّل على مقاس بشار الأسد الأبدي اليوم , مع إلغاء المادة الثامنة، كان يمكن أن يحوّل المذكور لو حدث ذلك قبل عام إلى قائد تاريخي لسوريا لا سمح الله

لكن طرحه اليوم يمنحه واحدا من المخارج القانونية المتبقية لحماية نفسه من العدالة

و بمجرد نجاحه بالاستفتاء عليه يعني إن دم السوريين الذي انهمر بالرصاص الاسدي المصبوب سيذهب سدى و إن سوريا الرهينة اليوم بين أنياب الحيوان الاكثر افتراسا في المنطقة، ستقتل مرات عديدة

إن الدستور الجديد والاستفتاء عليه: هو استفتاء على تبرئة أكبر مجرم بتاريخ المنطقة و كل من سيشارك بوضع ورقة استفتاء على الدستور سواء بالموافقة عليه أو عدمها سيضع إصبعه في ثقب رصاصة اخترقت جسد شهيد

كل من يطلق دعوة إلى المشاركة في الاستفتاء يطلق النار على مستقبل سوريا.

كل من سيدفن قصاصته بالاستفتاء على دستور العار الأسدي سيعيد دفن الشهداء.

كل من سيساهم في شرعنة دستور الموت المكتوب بدم السوريين، شريك بالقتل.

كل من يرى ببشار الاسد ودستوره الجديد فرصة للتاريخ، سيذكره التاريخ بمساندة قتلة أبناء شعبه.

بعيد عن كل هذا وذلك، ما لا يعرفه بشار بعد، أن السوريين ضد تسليمه إلى لاهاي، فعقلهم الفذ سيبتكر له النهاية التي تليق به. تلك النهاية التي سار إليها برجليه الطويلتين وخطواته المتقصفة، بينما أطفال سوريا يلهون بتحويل أوراق الدستور إلى زوارق صغيرة من ورق يذوب حبرها في النهر السوري العظيم كما سيذوب هو من الذاكرة والوجدان

—————–
حبر حر – مساحة رأي تنشر بالتزامن على المواقع االتالية: سوريا فوق الجميع، كبريت، المندسة السورية، صفحة الشعب السوري عارف طريقه، صفحة حركة شباب ١٧ نيسان وراديو واحد زائد واحد و مجلة سوريا بدها حرية مجلة سوريتنا و صبايا وشباب المجتمع المدني

 

 

عن دحنون

دحنون
منصة تشاركية تعنى بالكتابة والفنون البصرية والناس.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.