صائب

كان عائدا الى البيت مسرعا فاليوم عيد ميلاد ابنه الوحيد الذي سيبلغ سنواته الأربعة.
صدمه منظر سيارة البيجوعند باب المنزل – علم فورا لمن تعود – حاول ألاّ يظهر ارتباكه وهو يسير داخل.

. . .  بعد السلام و فنجان القهوة.

العنصر : ايه خبرنا !؟
صائب : خير .. يخبروك خير !  عن شو بدك خبرك !؟؟
العنصر: سماع يا صائب نحنا منعرف زوج اختك، و كرماله جينا لعندك، عدا عن. ذلك كنا طلباك وانت بتعرف شو نحنا.
صائب: أنا ما عامل شيء وعن شو بدكن احكي. العنصر مقاطعا و بصوت فجوري عالي :
انت عم بتدور ع ذهب مكان ما عم تشتغل !!!؟؟؟
صائب مرتعبا : لا والله أنا ما بحياتي دخلت بهيك قصص. ….و أ….
العنصر : طلاع معنا عالسيارة وبالفرع منكفي.

ابتدأ التحقيق عند الساعة الرابعة ظهراً…. وواستمر لأكثر من ١٨ ساعة.
لم يتم تعذيبه لأنهم كانوا يعلمون انه بريء ولكن بحكم العادة… اعتقلوه.
و بعدها أفرج عنه بتدخل زوج اخته الذي يشغل منصبا عاديا في (السلك).
بعدها بثلاثة أيام كان يوم الأحد.
اتصل به شخص و قال انه من فرع الأمن السياسي. و انه يريد ان يتحدث معه ٥ دقائق.
ذهب صائب في اليوم التالي طبعا وبمجرد ابراز هويته على البوابة تغيرت ملامح البواب من العابس الى الغاضب المتهجم، وبدأ قذفا به إلي ان وصل إلي الباب. وهناك بدأت نظرات الجميع كأنها رصاص مع قليل من الألفاظ السوقية التي تعبر عن مستوى رجل الأمن ومدرسته الشوارعية.

في الصالة وعلى جانب الباب جلس صائب يحدق وينظر نظرات خجولة في صور القائد المفدى وصور أبيه وأخيه ،  نظرات الى شعارات الحزب، فيها الكثير من الريبة و الخوف، فهو يكره زوج اخته و يردد مرارا انه ضاق ذرعا بهذه الحال المزرية، وكان يتكلم أمام صهره كثيرا وصهره يترجاه ان يسكت أو يغادر الجلسة.

صااائب …!

نعم سيدي ،.. !

” أنقلع” اليوم و رجاع بكرا.
في الطريق و هو يتمشئ و يفكر هل يهرب أم انهم وضعوا اسمه ع الحدود ؟ هل احكي زوج أختي ليساعدني !؟
قرر صائب ان يواجه مصيره بنفسه.

في الليل لم تغمض له عين حتى الصباح. ذهب الى الفرع مجددا. نفس الوجوه و نفس النظرات ولكن أقل حدة. إذا بالعادة من يروه مرتان هذا يعني ان وضعه الأمني عادي.

في نفس اليوم جاء عنصر إليه و قال له :
سيدي مشغول… ارجاع بكرا.
صائب قال :
حسنا.. ولكن قل ل ( سيدي) انني متعطل عن وظيفتي أكثر من ٢٠ يوما … و.. قاطعه قائلا : هي مو مشكلتنا… روح ورجاع بكرا.
ثالث يوم عاد صائب. الساعة الثامنة كان على باب الفرع.
الساعة العاشرة كان مع الضابط.
سأله : منذ حوالي ٢٠ يوم طلبك الأمن العسكري للتحقيق ..
صائب : نعم سيدي.
الضابط: شو كان بدو منك. ؟
صادق مستغرب مندهش: أنو أنا عم دور ع ذهب. و ها الحكي مش صحيح !
الضابط : إه و عم تنكر كمان !
نحنا مو متليهن… هي ورقة و قلم و كتوب كل شيء صار بينك و بينهن !
صائب بنبرة خائف و صوت مرتجف :
مين هني هدول ؟
الضابط : شو عم تجدبها؟. جماعة الأمن العسكري !
صائب مذهولا وهو يكتب ويكتب.
بعدها خرج صائب ولكن لم يعطوه تصريح سفر إلا بعد ٣ سنوات !

….
آداد قاسم

عن دحنون

دحنون
منصة تشاركية تعنى بالكتابة والفنون البصرية والناس.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.