*…..
I
نحن؛ (..) أي كلنا ننسى بعض الأشياء، لهذا يستوجب تذكيرنا بها؛ لأنه من الصعب التغلب على مخاوفنا أثناء الهرب، فالظلام الناتج عن الضوء المكسور سيدلنا على الطريق..
ـ حاولت أن أصبح ممثلا؛ً.
ـ قد لا تجد الحب المخصص لك؛ أقسى ما في الأمر أن قلبك سوف يتحطم عندما تعلم..
ـ حاولت أن أصبح ممثلاً؛.
ـ كيف تستطيع أن تتحكم بالأمور وهي تقف في طريقك؛ (..) الأمر الطبيعي هو الذي يختار وليس نحن، نحن.. أقصد.. هل تعرف ماذا يعني أن تكون خاروفاً تائه.
ـ حاولت أن أصبح ممثلاً؛.
ـ دائماً يوجد خلف النص حالة رهيبة من الفوضى، فوضى بجميع المقاييس، على الأقل فوضى بارتكاب هذه المسألة، فالعباقرة وحدهم من يسرقون، أما الموهوبون فيستعيرون فقط.. لم أعرف تماماً لماذا سيطرت هذه الجملة على تفكيري لمدة طويلة، مدة جعلتني أقتنص كل الارتباكات بحثاً عن إيحاءات صغيرة لها، ففي أكثر الأحيان كنت أضيع في تفاصيل الحالات العمومية التي تصادفني، أقتنص منها الحالات الأكثر ذكاء، أجردها من وعيها، وأعيدها إلى الأصل، لم أعرف حتى هذه اللحظة ماذا يعني أن تكون ممثلاً.. التباعد بين حالتين، الحالة الأولى هي أنت، أنتَ فقط ولا أحد سواك، والحالة الثانية هي حالة الفوضى المتراكمة من الحالة الأولى، وغالباً ما ينتج عنها وعي هذه الحالة، فمن دون الأولى لا يمكن لك تأسيس حالة ثانية والعيش معها.
ـ حاولت أن أصبح ممثلاً؛.
II
الخربشات الصغيرة؛ الاحتجاج؛ الرسومات الضالة، الكتابة المتلاحقة بالخوف والتشرد كصوت خرافي؛ كلها كانت هناك، حيث الرحيل من القلب إلى الرسائلِ باتجاه النسيان، هكذا كانت الحسية السردية في توريث صوتك للذاكرة، لم تكن يوماً كما أنت حتى في أكثر اللحظات نبوءة، كنت تنهض كعباد الشمس فاتحاً قلبك للسماء والنساء، مرتبطاً أشد الارتباط بأزقة صغيرة معبدة بالأحجار القديمة والحانات المنشورة على زوايا الأرصفة..
هناك؛ كان حلمنا ينام مكتنفاً الظِّل غطاءً في انتشار حالة الفوضى العارمة في دواخلنا المنكسرة على بعضها، مستودع من الانطباعات والتفاسير الصغيرة لمفردات شغلناها بعناية المكان وفلسفة التوجس.
الاقتباسات التي كانت تكرس المسحة الغامضة للكائن المذكور في صياغة الحالات الأكثر عمومية من ذلك المخزون الهائل الذي يتسربل من بين أصابعك بصورة تشكيلية لثقافات أخرى يعتقد أنها ما زالت تعج بالموت والجنون، تحولات الخارج في صياغة عالم متغير، انفتاح على شتى التصورات، شخوص كألوان قوس قزح؛ إمعان في التبصر يقود إلى الشمس بروية عالية، هكذا كانت النوافذ تختزن الأحلام ببساطة الأشياء ليحرس الظل المكان ويقود معه قافلة من الوجع.
البديل الوحيد كان انتقالاً من عالم الغربة إلى الغربة نفسها، كان قرراً بارداً ومتطوراً من جهة أخرى، النسخة النهائية من الحرية، حرية الـ(أنا)، حرية الـ(هو)، حتى كما أنك تقول حرية الـ(أنتَ..)
في وقتك اللاحق لم تكن ترغب في السيطرة على ذواتنا الصغيرة، لم تفاجئ أحداً بالمزيد من الألم، كنت حاسماً ونهائياً تاركاً الموقف المتردد يسود في أدواره الرئيسية، مسدلاً على خيباتنا احتمالات تستعصي على الفهم.. هل أحسست يوماً ما أنك تكبر فينا، أنك تقودنا إليك، أنك تعجل فينا لعنة الوقت.
ترفُ الحالة أصبح مجالاً أوسع لخيالاتنا، حيث كان الكثيرون القادمين من هناك إلينا نحن الهامشيين، يحرضون فيكَ الكلمات لتمحو بعضها نزاعات أخرى من متغيرات الواقع وتختلط في زمن مؤجل معنا لتعثر فيه على أشياء مركبة تزيد الخصوصية تعقيداً وتشمل تعبيرات أكثر شفوية ممتدة على خرائط هذه الروح الخربة.
الصمت لغة وحيدة للحوار مع الانكسار، هكذا يوماً قلت؛ محاولاً الانفلات من سؤال مباشر، سؤال يترك أجوبة متعددة، زعزعة العلاقة بينك وبين هذا الشرق، علامات تعجب كبيرة كنت تضعها في نهايات أجوبتك، الهيمنة التي كانت تسيطر عليك من هناك؛.. إزاحة الستائر والغشاوة عن التفاصيل التي تسكنك، كالاحتيال على لفظ المعنى، كله ينطوي على حدود الموجود من بداية ونهاية ووسط، برهنة الاختلاط بين حالة الوعي والرغبة التي تسكننا، كالعناد الموازي للفكرة، هكذا أنتَ، دائماً مؤجل؛ متخيل..
في لعنة هذا الزمن البذيء كنا نرتب حياتنا، الحياد هو المطلق، لكن المهم أن نجيد استخدام هذا الحياد، بما يستحقه هذا الزمن من وقتٍ للاستفزاز، حقيقة الأمر أن هناك ضريبة كنا ندفعها، حيث جميع المتقاتلين يتقنون فن ابتداع الطرق لتخريب حياتنا خطوة بخطوة..
أحدثتني عنك، مهشماً، تعبرُّ في لعنة الظلال، حيادياً حتى على وجهك، أقودك إلى الثرثرة؛.. تقودني للرحيل، لماذا الحنين إلى الرغبة الأولى موجعاً حتى البكاء، هكذا كانت المقدمات تنهار أمام عيوننا وأنت ترحل عنا على عجل.
*مقطع من رواية بنفس العنوان للكاتب.
الصورة: تشكيل للفنان ايمن الحلبي
يجب عليك تسجيل الدخول لاضافة تعليق.