خاص بدحنون
كان ذلك في جديدة عرطوز
الساعة الثالثة ليلاً
نزلنا من بيت أسامة نصار ، ركبنا سيارة أحد أصدقائه ،و أتجهنا إلى بساتين الزيتون
السكون بدا واضحاً أكثر مما ينبغي ،و العتمةُ و أصوات الصراصير.
تكلم السائق عن شابين قضيا ذبحا، ورُمي بجثتيهما في هذه البساتين من فترة قريبة ،و الفاعل ظل مجهولاً.
هاني عرسان “أبو خلدون” قاطعه قائلاً: شريك الوضع مقلقل هون اني نازل على كوم الويسية.
علي عسالي كان شارداً طيلة الوقت، ينظر من النافذة، ويمرن يده على أوتار البزق، ويضحك ضحكة فجائية بين الفينة والأخرى.
مضى الوقت بسرعة شديدة، وانحسر الظلام شيئا فشيئا .
خرج الجنود من الثكنات هناك للجري صباحا .
مرت مجموعة من أمامنا .
أسامة نصار قطع حديثه عن ضرب المكاري بالبندورة المتعفنة في طفولته.
مد رأسه من الشباك
وقال : كسّسسسس أختك
هكذا لا على التعيين.
فالتفتوا جميعا.
…..
من كان يدري ان التفاتةً فجائية إلى الوراء
سيكون لها وطأة السقوط من قمة جبل راسخ.
من كان يدري
أننا سنقطعُ هذه المسافة في الطريق الذي لا نعرفُ نهايته.
أننا سنفتحُ السفرطاس
ونجدُ الطعام باردا
….
الجلوس الذي طال على طرف الطريق, لم يعُد أمرا طيبّا.
ثمة شعور جارف بالسأم .
من النظر إلى أولئك, الذين يمرونّ ..
مثل قناني الماء , في مجرى النهر الهادر
ثم يختفون.
من مراقبة هذه الانهدامات المتوالية.
هذا التداعي المنتظم.
يجب على أحدنا ان يفعل شيئا.
يجب ُ على أحدنا
أن يمدّ رجله لهذه الأمور.
التي تسير على عواهنها.
…
أنا هنا
منذ زمن طويل .
تحت شجرة صلعاء ، عند مدخل المدينة.
أراقب الجياد التي عادت من أرض المعركة دون فرسانها .
و أدفعُ لها بالماء حين تقترب
……
الماء النازل على أكتاف الصخور.
يهوي هكذا .
على رسله .
ويمشي في مجراه آمنا مُطمئنا.
حتى تتخطفه الفؤوس
ويتيه في الجداول الملتوية.
ُيتيه كالرسائل التي شحُب حبر عناوينها
…..
يا رب
أنت أنزلت هذا الحديد
وقضيت أمرك
وكان – كما شئت – فيه بأسٌ شديدٌ
و منافعُ للناس .
حُزّت به الرّقاب الطّريةُ
وحُفرت القبور .
ليس له شغلٌ بعد الآن.
ارفعهُ إليك .
وأعطنا خرقةً كي نمسح هذا الدّم .
….
يفتح الباب
خمسة عشر قطا في أرجاء الحي يستنفرون من فورهم
حين يُفتح الباب
وتخرج عليا ،حاملة طبق الشّخَت.
يتحلقون حولها
يتنازعونه من بين يديها
ويشخرون لبعضهم .
عليا العجوز, ملمّة في أمور السياسة
انتقت أشدّهم خبثا
وسمّته: بوش.
لو قُدّر لك ان ترى ذلك لقلت:
كل شيء سيكون على ما يرام
طالما أن القطط تأكل الشّخَت بهذه الشراهة.
وما دامت عليا تشتمهم
ثم تضحك عليهم.
…
تحت شجرة المشمش المتدلي .
في شمال أرض الدار الفسيحة والدّرج.
على الأرض المبلطة بالأزرق والأبيض
كانت عائشة عليان
تغمس الخبز بالزيت واللبن المصفّى
وتأخذُ رشفة من الشاي الفرط
ثم تحمدُ الله
وتشتمُ خلقه.
الصورة: من مجموعة حزن سوري للتشكيلي غيلان الصفدي
يجب عليك تسجيل الدخول لاضافة تعليق.