ها قد خرجنا إذا , يقول المصوّر , وهو يبتسمُ, ويشي بأنه لا يبتسم, ” التغريبة نحو المجهول”, يقول أيضا, وثمة ما لا يقول, وثمة ما يتوارى خلف الابتسامة الحمراء.
خمسة وعشرون يوما, والمعركة تدور, والطّحن على أشده , وشبّة النار تصّاعد أعلى فأعلى, والأمانة تجور على الأكتاف , والحمل يزداد ارتكازا على الظهور المتكسّرة .
ها قد صمدنا, حتى قالت الصخور من حولنا, لا قبل لنا بهذا, وسجلنا نقطة في مرمى الأسطورة.
رجالٌ, و معاركٌ, و وطيسٌ حام ٍ, وحكايةُ “الفئة القليلة” ستحكى من جديد, على الطلل المتهدّم غدا, وذلك العزاء الكافي, لقاء الإشاحة عنها هذه الأيام.
لم نكن نريد الخروج, رغم أن احتمالا كذلك كان يزداد انطراحا, كلما اهتزّ ميزان القوى, وغامت الجدوى شيئا فشيئا.
لكنّ الرهان على المعركة, ومن يعنيهم أمرها, قد فعل فعلته, وساق الزيف من شحمتي أذنيه, بعد أن عرّاه وجلده.
نعم, لم نكن نريد الخروج, لقد تركنا ندوبا على وجنة الأرض, من شدّة ما تشبثنا بها, لكنما قُضي الأمر , وكان ما كان, وخرجنا, لكن إلى أين, إلى المجهول ….
تخيّل, انك تحارب الآن بكل ما وقع بين يديك الآن, حتى تدرك المجهول, لا أكثر .
تراوغ باللحم الطريّ بين يديك, مصابون ذوو أبدان معطوبة , منهم من يصلّي على ساق واحدة, ومنهم من يرفع عينيه إلى السماء رغم أن الشاش يحول بينها وبين الرؤيا, ومنهم من يكلمها بفكّ متهشّم و الكلام يبدو غامضا, لكنه لا ريب يطلبُ مستنجزا و يتلمّس الطريق الآمن السريع, ولكن إلى أين ؟ إلى المجهول …
في مثل هذه اللحظات, من الترف أن تتحدث عن التاريخ و عن أفواج الداخلين إليه حتما من البوابات العريضة .
نريدُ بابا عريضا, يؤدي إلى المجهول لا أكثر.
واذا كان لا بدّ أن يدخل التاريخ شيء ما, فلتكن هذه الابتسامات الحمراء, الكفيلة بأن تقول كل شيء, وأن توصل الرسائل إلى طاولات أصحابها.
يجب عليك تسجيل الدخول لاضافة تعليق.