لا اعرف ماذا اصابني اليوم…؟ عشت لاروي لكم طفولتي بمجزرة حماه 1982
بعد هروبنا الكبير من مذبحة حماه التي لاتشبه الامذبحة حماه بتاريخ البشرية,والصور والاصوات ورائحة الدم وطعم الخبز العفن واصوات النساء وهي تغتصب واصوات الرجال والاطفال وهي تصارع الموت بعد رميهم بالرصاص ودمار مدينتنا وكأن زلزال قد اصابها
وصلنا الى نقطة اللا عودة, واتجهنا الى الريف حفاة ونصف عراة لقد هجرونا من منازلنا الدافئة وقتلو من قتلو وبدأت الرحلة الاكثر ايلام من الذي سبق
تم استضافتنا بقرية بمنتهى الحفاوة والتكريم وهذا اذا دل فانه يدل ان كل الشعب السوري يعرف بكذب النظام الفاسد وبقينا مهجرين في هذه القرية واكملنا الفصل الثاني بمدرسة القرية ولن نعود الى المدينة ابدا فقد استشهد ابي ودمرت وسرقت جميع ممتلكاته وبقينا حتى بداية عام دراسي جديد عدنا الى حماه وسكنا في بيت لاحدى خالتي كنوع من الاحتضان وتقاسم الالم وعندها استطاع احد اقرباؤنا ايجاد عمتي التائهة بالقرى ولا نعرف عنها شيء واتذكر عندما رأيها لم اتوقع ان اراها بهذا الشكل كانت كالملكة وتغير كل شيء, احتضنتها لساعات انا واخوتي وامي وجميعنا نبكي كموجة من هستيريا الواقع,روت عمتي عندها كيف اعتقل ابي في الملجىء الذي مررنا عليه ولم تراه ابدا بعدها وعلمت من بعض الناس عن استشهاد اخيها,بكينا وبكينا واصبحت عادة في حماه الناس عندما يزورون بعض يبدأون بالبكاء قبل السلام عندما تلتقي وجوههم,البيت الذي نسكن به كان يضم كل من ليس لديه بيت لسنوات فقد دمرت احياء كاملة كالبارودية والكيلانية والزنبقي والشمالية و..الخ ولم يبقى بيت بحماه ليس لديه شهيدا ومعتقل وهذا على الاقل ..
ذهبنا الى مدارسنا بعد معاناة كبيرة وقهر وذل وجوع..الخ واقسم لكم ان الصف الذي كنت فيه (الثاني الابتدائي) لايوجد سوى طفلين ليسو ايتاما فتخيلو ماذا فعلو من اجل مستقبلنا وكم عانينا لنتجاوز ازماتنا الداخلية ولم نتجاوزها حتى الان
بعدها كرس النظام وهو لايستحق كلمة نظام عذابات جديدة لم يتوقف عن الاعتقال الجيل الذي اكبر مني اذا كبر قليلا اعتقل وغيب الى الان والاسماء معروفة عند جميع اهالي حماه ولتزيد العصابة من عذابات اهالي حماه ولتسبت اننا مهانون ومدعوسون بدات هذه العصابة باطلاق بعض السجناء الذي لم يتم تصفيتهم في سجن تدمر بالمناسبات الوطنية التي تعنيهم ولاتمت بصلة الى افعالهم كالحركة التصحيحية وميلاد الحزب …الخ
وتعود اهالي حماه على ذلك عبر السنوات فكل مناسبة من هذه المناسبات يخرج اهالي حماه الى المدخل الجنوبي للمدينة اي طريق حمص والمشهد هناك كالتالي
نساء واطفال ورجال وكل اهالي المدينة يوقفون الباصات والسيارات القادمة من حمص ويبحثون ويصرخون كل باسماء مفقوديه وبكاء لايتوقف ويستمر هذا المشهد طوال اليوم حالة من الفوضى والقهر والبحث عن مفقودين بطريقة لا تمت للعقل بمنطق واحيانا يجد بعض الناس مفقوديهم ربما ثلاث او اربعة وتعود المدينة بأكملها مكسورة الخاطر من دون اي صوت ليعبروا عن الالم الذي بداخلهم والذي يجدون سجنائهم لن يكونوا اكثر حظا من الاخرين فمعظم الناجين من السجاء لا حول ولا قوة لهم واقسم انهم يكسرون القلب اكثر ممن ماتوا.
ولنا معرفة برجل خرج من السجن وذهبنا لاستقباله والحمد للله انه كان بحالة جيدة ذهنيا لانهم اخرجوه من سجن تدمر وانعشوه بسجن صيدنايا لمدة ستة اشهر قبل اطلاق سراحه واقسم ان هيكله العظمي كان ظاهرا تماما ولونه الابيض لايشبه لون البشر ابدا فانه لم يرى الشمس لسنوات, وروى لي كل شيء عن سجنهم بتدمر واحداها واغربها ان سجين من الذين بمهجعه بدأت علامات الزائدة الدودية تظهر عليه وعانى من الالم لايام وهم يعرفون انهم لايستطعون طلب المساعدة من السجان الذي يطل عليهم من فتحة بسقف المهجع واذا طلبو واعلموه بالالام صديقهم فحلهم الوحيد هو تصفيته بمنتهى البساطة بعدها قرروا ان يجرو له العملية داخل المهجع ويصمت تام فتخيلو …!!! فتحت بطن السجين بقطعة معدنية من التنك وامسك الاخرين المريض حتى لايتحرك ابدا وبعضهم اغلق فمه بقطعة قماش والذي اجرى العملية كان طبيب صنع ابرة من ذات التنك ولست متأكدا من نوع الخيوط التي خاط بها الجرح تمت العملية ولم يخرج صوت واحد هذه صورة من الخوف والقهر ووضوح المصير داخل سجون النظام الفاسد.