“حجّي”… الحلاب على الباب
“حجّة” … حلّة القهوة المرة تغلي تحت ضوء اللمبة الضعيف .
“ذيبة” .. مُري بنيك أن لا يرموا الحجارة و الزجاج إلى هذا الحوش .
“ريما” … ابنتك التي عضّها الكلب من كعبها، بطحت شابا ضخما عند عامود البلدية القريب.
“غازية”… أولادك يثيرون المتاعب.
ربيع هو الذي ربط الزيز بالخيط و حوّمه.
هو الذي أشعل السِّيفة و رسم دائرة باللهب.
هو الذي علّم الصبيان لعبة الحرب بالحجارة،
و عاد بهم من التلة مشدوخين.
نسيم هو الذي دفع أحدهم إلى القاظان و حرق قفاه.
و هو الذي خمش وجه الآخر.
و طيّر الطابة إلى بيت الجيران.
على مدار الأيام .
أنتظر أن يأتوا، و يحركوا الهواء بأرجلهم في الفناء.
يأتون بصخبهم من وراء برك الوحل.
برُكبٍ مجروحة من ساحات الحصى.
أنا البيت الواقع على الركن
قبالة معمل الأعواد
أضرموا فيّ النار
حين بقيت وحيدا.
………………
كنت أعلم أنكم ستبصقون علي.
لست أنا من جاء بهذا السوء
السوء يأتي لوحده، برجاله وعدته
و التوقيت ليس في حساباته، إذا كان الظرف ملائما.
أما عن نفسي
فأنا مثل إخوتي الذين سبقوني
آتي و أذهب من الباب الخلفي…
خالي الوفاض.
و أنتم في كل مرة،
تبدون هذا الجحود
و تهذرون بذات الأماني.
“العام المنصرم”
………………
نوشك أن نهوي.
مثل دُفعة من الكلمات تزاحمت على رأس اللسان.
………………
عليا..
رأيتك تحرسين الأيام البواقي بالرفش و المنكوش.
كأنك تعلمين
أن المكاتيب التي ساقتها الريح إلى قدميك العاريتين
لا تحمل إلا سوءا.
كأنك لم تطمئنّي
لشتلات المدّاد الذاوية.
كأنك عرفت من تلقاء نفسك
أن المغول القادمين عبر هرات
شرموا أنوف خيولهم بالنصال
لتعدوَ أكثر.
………………
من يدري كيف تؤول الأمور.
نحن، الذين اكترثنا لأمر التفاصيل.
رسامون و نقاشون و مهندسون.
سَمَلوا عيوننا بالحديد المحمّى
و رمونا من فوق الصروح التي شيدناها.
خشية أن نصنع شيئا أجمل منها لغيرهم في المرة القادمة.
نحن أبناء هذه المدن القديمة.
المدن المرصوفة باللحم و الطوب الحجري.
لدينا الكثير من الأعداء.
و نخرج من عصر إلى آخر شُعثا من غبار الحروب.
لدينا الكثير من العنب.
و نذهب إلى الجنة بخمرنا و معقودنا
جاءنا الغزاة بالحديد و خرجوا بالبابونج
جاءتنا العواصف بالثلج و ذهبت محمّلة بالقصائد و رائحة الحطب في التنك المخروم.
نظن دائما أننا على وشك الفناء
و لا ندري ما الذي ستؤول إليه أمور أهل الأرض آنذاك.
نحن أبناء هذه المدن التي تتهدّم
سننام تحت ضوء الكواكب و النجوم
كي لا نموت تحت الانقاض في المرة القادمة.
الصورة: مقطع من تشكيل لإسماعيل الرفاعي