1-
غارقا في ريش أمه
يلقي فرخ الطير الأعمش نظرة باردة على العالم
بالكاد يرى المراكب تمشي في ماء النهر
حين يذهب غداً إلى الجنوب
سيسأل إخوته برأس مائل:
هل تتذكرون تلك الأسماك
التي لا تعرف الغوص
هل تتذكرون؟
كم كان صوت عظامها عاليا اذا تحركت
2-
كلما انسدل الليل
يمشي الأعشى
وحيدا
في جنازة عينيه
3-
أين سيذهب زكريا
من فؤوس القوم
إذا توارى في جذع الشجرة
ولم يزل طرف ردائه بادياً
4-
لقد ذهبوا يا يعقوب
وكنت على التل تنظر نحوهم.
عمّا قليل
ستندم حين يغيبون عن عينيك
ثم ستندم مرة أخرى
إذ تغيب عينيك عنك
وأنت تبحث عن خرم في القميص الدامي.
تقول في نفسك: أن أبناء راحيل يذهبون واحدا واحدا
وثمة صوت يخبرك
أنهم سيعودون دفعة واحدة
لكنك لا تسمع شيئا
لأنك لا تكف عن البكاء.
5-
بعد قليل
يحدث صخب حول جثمان معاوية
ويأتي ابن العاص ليدفنه
كما أوصى.
بعد قليل
يقف يزيد على طرف الحفرة
حتى يعود ابن العاص من العتمة
وبياض اللبن سوّى يديه كالقناديل
ناظرا إلى السيف
الذي يخيّره بين الطاعة والخلود
في هذا القبر.
سيقول في سره:
لقد خرجت من القبر
كما يخرج الولد من رحم أمه
مسلّما زمام أمري
إلى سواي.
6-
الغيمة فوق مدينتنا سوداء
تمشي بهدوء وتأنٍّ
كامرأة تحمل جرّة ماء
الغيمة فوق مدينتنا
ترمي مطرا
كامرأة تعصر كلابيّتها
من بعد عبور النهر.
الغيمة تذكر طيرا
يتهادى
من فوق الكعبة بالسجّيل.
فترمي كل ذخيرتها
كامرأة
تجرحها الذكرى.
الغيمة تأتي حاملة مددا للناس من الأعلى
كامرأة تتقدّم بالكمّادة
نحو الولد المحموم.
وحين يغيب المدد
من الأعلى.
ثمّة في “جوبر” غيم
يتشكّل من لحم الناس
ويصعد
في شكل امرأة
ثكلى.
الصورة: تفصيل من تشكيل لحمد الحناوي
يجب عليك تسجيل الدخول لاضافة تعليق.