ورثت النجوم عن برويز

– 1
لقد دخل الكوكب في مداره
وارتفعت مياه البحر
وزحفت نحو قدميّ
منذ زمن وأنا أتقرّى هذا الفلَك الخاوي
ولم أعرف طريق الدار
خلفي جبالٌ بلا شفائر
ومآذنٌ بدون أهلّة
وساحات من غير عراك
وانا أتفرّس نجماً ميتاً:
كيف سأعرف طريق الدار
وأنا أتفرّس نجماً ميّتاً

– 2
ما بالك يا برويز
تكتم حبك هكذا
وتشغل نفسك عنه بالمعارك والحروب؟

حتّامَ
ستظل جالساً في الإيوان.
يأتيك الغلمان، عند الضحى، بالشهد والماورد
وأنت لا ترى من النعيم شيئاً.

وإذا وجدت الكلام صعباً
دفعت الأمر إلى خرّاد
ليكتب ما في نفسك على رقعة من جلد الثور.

هل تعرف يا برويز؟
أن المنجّمين
والسحرة
وقرّاؤوا الطوالع.
-الذين يتحلّقون حول العرش، بهاماتٍ خفيضة-
قد كتموا عن جلالتك
-حتى لا تأرق-
ما أخبرتهم به النجوم؟

– 3
دهم المساء
جميع أركان المدينة.
دارت الأقمار
فوق تلالها.
رتلٌ من الأشجار
-مثل النادبات بلا عصائبَ-
قد تمايل
في جوار السور
من عزم الهواء.
وسيقَ للأعمى
هواء بارد.
إذ كان
في وسط المحطة
قاعداً
يرجو
-لكيما يستعيد رفاقه-
نجمَ المساء.
وليس في عينيّ نورٌ
كي أقايض ذا بذاك
وإنّما
يا نجم
تعلمُ
ما الذي يعنيه أن تبقى وحيداً.
ثم تعرفُ
-مثلما بالضبط أعرفُ-
كيف أنّ
لو انطفأتَ
لما بقيت
وصرتَ
تقتلُ بالظلام
جميع أنوار السديم
بعيدما
قُتل الظلام على يديك.
..
أوَلستَ مثلي أنت
في حرب هناك؟
تجول وحدك في الغُبار
وتحمل السيف الذي أرداك.

– 4
يتبدى شحوب النوافذ
في الليل
ويسقط المطر على العربات.
خمسة كلاب يتتابعون.
الأشجار تذهب يميناً وشمالاً.
النجوم تظهر
كل هنيهة
من خلف السحاب..
كما لو أن المشهد يتقطّع.
كما لو أن ثمة ما يغيّبني
فأعود لأستدرك
لماذا تقتحمين
الليل الماطر
هكذا.

– 5
فوق نجود المدينة
فوق الغابة والبحر ومزارع القرنبيط
فوق البيوت والمقالع والكلاب
يظهر قمر الليل
هلالاً
ببعض منه
ويواري معظمه الباقي في عالم السر.
يظهر بعضه كالإظفر
للمدينة والمقالع والكلاب
بينما
لا شيء يدل على ما يُخفيه
سوى ما يُظهره.