كونشرتو قصيرٌ لعصفِ الروحِ،
هديرٌ للا-شيءَ
رشفةٌ حرَّى أخيرَهْ
عين الإلهِ حمراءُ
ورحمُ السماءِ يحبلُ بالاسودادِ
وأنا؛
قشّةٌ تطفو—
تهيمُ—
تنسلُّ—
في نهرٍ من الدمِ
أسمّيهِ دمشقْ…
.
أتخبَّطُ،
أترنّحُ،
أهاجرُ،
أنوسُ،
—كبندولِ ساعةٍ متقاعدةٍ في بيتٍ قديمٍ—
من خطيئةٍ إلى خطيئهْ
من زقاقٍ إلى زقاقْ
من جهنّمٍ إلى جهنّم
من نشرة أخبارٍ إلى نشرة أخبارْ
من كابوسٍ إلى كابوسْ
من قبرٍ إلى قبرٍ
من حلمِ أنثى إلى حلمِ أنثى
من خيبةٍ إلى خيبةٍ—
إلى خيبةٍ—
إلى خيبةٍ—
إلى دمشقْ…
.
“أأنتَ الروحُ الأخيرُ؟؟
أأنتَ عطرُ اللحظاتِ الأُوَلْ؟؟
أأنتَ بعضُ الإلهْ؟؟”
سألتُني في أضواء سيّارات الفجرِ
وعرباتِ الزبّالينَ
وآهاتِ الأرصفةِ—
إلى أن أجابني زعيقُ المدينةِ
الأزليُّ
العقيمُ
الكتيمُ بأنَّ:
“الله أكبرْ”…
.
قطعٌ/وصلٌ
هائمٌ أنا على وجهِ المدينةِ،
نارنجةٌ خاليةٌ من الجذورِ
والطعمِ
والرائحةِ
وملأى بالمرارَهْ…
قطعٌ/وصلٌ
أنيني يلتفُّ مع دُوارِ أوردةِ دمشقَ
ويتخشَّبُ مع حماقةِ الزوايا الخفيّةِ—
أنا لا أريدُ،
لكنِّي لا زلت أشتمُّ رحيق الصلصالِ
وعرق الأماني الفقيرةِ
وشتائم بنكهةِ الكفرِ،
وأدفنُ نفسي
في ألفِ تكيّةٍ
وتكيَّهْ…
.
قطعٌ/وصلٌ
أنا لا أريدُ،
لكنَّ أناي تغادرني لهنيهاتٍ
تطوفُ بأسطحةٍ حيثُ كانَ الحمامُ يسكنُ
—يوماً—
ثمّ
تعود أشدَّ التماساً
لشيءٍ كبردى
كانَ ولن يكونْ…
.
“لا،
لستُ مخموراً”!!
قلتُ لها،
وهي تعدلُ جوربها العاشر بعدَ الألفِ
وتستعدُّ لليلةٍ أخرى
—لنشيدِ الذكورةِ الباحثةِ عن الغزوِ
والفحولةِ المفقودَهْ—
لكنَّها عرفتْ…
فرائحةَ رمادِ الأملِ،
والأحلامِ،
والعمرِ المحترقِ
تحت قميصي،
كانت تفضحني…
.
شمسٌ بعد منتصفِ الليلِ،
أنا وتاكسيّاتُ دمشقَ
نتدحرج على مهلٍ
في شارع العابدِ
طيفاً يحبلُ بالغبارِ،
وأحيلُ الهواءَ رماداً
بأسئلتي:
أينَ خمّارتي الأثيرَهْ؟
أين نسيمُ كتبِ الأرصفةِ؟
أين رفاقي الـ كانوا رفاقاً؟
أين الزوايا الغانيةُ في كلِّ اتّجاهْ؟
أينَ شحّاذو الصالحيّةِ ومساطيلُها؟
أين أغانيَّ العابراتُ وصوتُ الألوهةِ؟
وأين اختفتْ ملامحي الشقيّةُ
الـ كنتُ أرسمها على الجدرانِ
—على وجهِ المدينةِ،
وجهيَ—
أينْ؟؟…
.
قطعٌ/وصلٌ
كأيِّ امتدادٍ للموتِ،
أكونُ:
أسودَ
فارغاً من الإيقاعِ
مالحاً كدمعِ الأراملِ والعاهراتِ
لجوجاً كبعوضَهْ…
قطعٌ/وصلٌ
أقسمُ
لستُ أنا المخمورْ!!
بل هو نهرُ الويسكي الرخيصُ
السابحُ في ما تبقّى من الروحِ،
مصابٌ ببعضِ الدوارْ…
.
قطعٌ/وصلٌ
هل من معنىً لقولي:
“صباحَ الألمِ يا دمشقُ”؟
لا معنى لأيِّ شيءٍ،
حينَ لا أفقَ إلاّ هديرُ الأقدامِ
في قلبِ المدينةِ
لا معنى—
لا معنى—
لا معنى…
.
يطلعُ ظلامُ الصباحِ على وجهِ دمشقَ
فأجدني لا أزالُ
قشَّةً تطفو
على أنهارٍ من الويسكي الرخيصِ،
وأتوضَّأُ برائحةِ الحرائقِ في دمي
الـ ينسابُ برفقٍ إلى مستقرِّهِ
كبردى جديدٍ
إلى العدمْ…
.