جرعة الديموقراطية الاولى

يبدو ان الأمر محسوم منذ بداية العام الدراسي ومنذ اليوم الاول الذي وزعونا فيه على شعب الصف السادس الابتدائي.

فالاول على الشعبة في نهاية العام سيكون حتماً (بشار) بِكر ومدلل المعلمة لمياء، والعريف ستكون (رابعة)، فهي الاقوى عضلياً بين تلاميذ الصف ذكوراً و اناثاً، وهي الوحيدة من بين كل بنات الصف التي ترتدي “السوتيان” وتستخدم الفوط الصحية حسبما سربت لنا بعض الواشيات الحاقدات من رفيقاتها … انتقاماً لانوثتهن التي لم تطفُ على السطح بعد. وقادة الطلائع هم على الأغلب (وائل) حفيد المديرة وقرة عينها والقادر دائما على اقتحام غرفتها المحصنة وحتى شرب الشاي عندها. (حسان) الطالب المسيحي الوحيد في الشعبة كنوع من التوازن الطائفي في توزيع كعكة السلطة، (قتيبة) ابن الضابط الديري الذي يخدم في المحافظة كاستمرار للتوازن الطائفي السالف الذكر ومحاباة للمستويات الاعلى من السلطة، و (منيرة) كديكور نسائي للحلقة الاعلى من القيادة وتفاديا للاحتجاج المستند لمقالات هشام شرابي و نوال السعداوي.

لكن المفاجاة كانت هذا العام هي الفرمان الذي اصدرته المعلمة (لمياء) و القاضي باجراء انتخابات نزيهة وشفافة – حكمت سلفا عليها بهذه النعوت –  لتوزيع المناصب القيادية. وقد احضرت لتلك الغاية صندوقا كرتونيا لاحدى “سكربيناتها” مثقوبا من الاعلى وامرت كلاّ منا بنزع ورقة من دفتره يكتب عليها بنظام الانتخاب الفردي مرشحا واحداً لكل من منصب العريف وقادة الطلائع ونهرتنا بان نمارس حقنا الانتخابي و نحافظ على الهدوء وعدم ازعاجها ريثما تنتهي من تخييط الفاصولياء الخضراء التي احضرتها معها الى الشعبة.

ادينا واجبنا على اكمل وجه مع ما تخلل العملية من المساومات والدعايات الانتخابية والتهديد والوعيد. وتصادف انتهاء عرسنا الديموقراطي مع انتهاء المعلمة من فاصوليتها الخضراء. وضعت الصندوق مع الفاصولياء في نفس الكيس وخرجت محددةً يوم الغد لاعلان النتائج ريثما تقوم بعمليات الفرز والعد مع ابريق المتة في منزلها مساءً وفي اليوم التالي.

ووسط اجواء من الترقب اعلنت النتائج على النحو التالي:العريف، (رابعة). قادة الطلائع: (وائل، قتيبة، حسان، منيرة) فانفجر (كاظم) الطالب الاكسل في الشعبة والراسب لسنوات ضاحكا اثر اعلان النتائج معلقا “والله .. طلع نفسك طيب عالطبخ انسي .. رح ناكل اصابعنا من قد مو هالفاصوليات طيبين ومتعوب عليهن” واتجه نحوها فاتحا كفه تاركا لها حرية اختيار العقاب الذي تشاء.

الله يرحمك يا (كاظم) شو كنت غشيم بالديموقراطية واصول النقد البنّاء. وبعيد عن تطلعات الآنسة (لمياء) المستقبلية.