الصفحة الرئيسية / تجريب / ستُ منمنماتْ – برزَهْ، مسبقُ الصنعْ

ستُ منمنماتْ – برزَهْ، مسبقُ الصنعْ

جمال منصور
 

 

منذ الأبدِ
تحملُ حبالُ الغسيلِ الفوضويةُ
الجواربَ المرتقةَ/الألبسةَ الداخليةَ الملونةَ/صدرياتِ المدارسِ/البنطلوناتِ مقلوبةِ الجيوبِ، الـ لا تحملُ نقوداً، في العادةِ
وحكاياتٍ متراكبةٍ
كما تلكَ الشرفاتُ
المطلةُ
واحدها على الآخرْ
منذُ الأبدْ…
[غسيلْ] …

ناحلٌ بشكلٍ ملفتٍ،
هذا المعصمُ
الـ لبسَ ، ذاتَ زمانٍ
ساعةَ “سواتش” تهريبٍ/بلاكاً، من فضةٍ/سواراً، بعلم الثورةِ/وكلبشاتٍ بلاستيكيةٍ، في سيارةِ الدوريةِ
والـ باتَ يلبسُ الآنَ
خيطاً قماشياً
يتدلى منها رقاقةٌ ورقيةٌ
من صنعِ الصينِ
كُتب عليها
“٣٠٧٦-أ”
في برادٍ للجثثْ…
[معصَمْ] …

في الغرفةِ الأخيرةِ، في الردهةِ الباردةِ الرماديةِ
من على الجدارِ الرطبِ
تتدلى أرجلٌ خشبيةٌ، في نهايتها شكلُ حذاءٍ
—يشبهُ أحذيةَ الضباطِ—
وأيدٍ شمعيةٌ متجمدةُ الأصابعِ،
تصافحُ الفراغَ؛؛
وصورةٌ للرجلِ الـ سيبقى يلاقي لها جميعاً
مالكينَ جددْ…
[في مشفى حاميشْ—١] …

في القبوِ الرطبِ
في البنايةِ المدهونةِ بالأزرقِ، بالكاملِ
في الحارةِ اللا-منطقيةِ الاتجاهِ
جلسَ الرجلُ ذو الشاربِ المائلِ للصفرةِ
يقلِبُ ألبومَ صورٍ
يستعرضُ فيهِ صورَ وجوههنَ السمراءَ
المبرقشةِ بالفقرِ، والعناءِ
المزدانةِ بأغطيةِ الرأسِ، الـ كأنْ موحدةُ اللونِ،
للمشترينَ الفضوليينَ—
وكم كانَ يقهقهُ، من ما يشبهُ القلبَ،
وهو يقولُ
“إطلبوا الخدمةَ،
ولو في الفيليبينْ!!…”
[سوقُ النخاسَهْ—فيليبينياتْ] …

لطالما تصورتهُ
برجلٍ خشبيةٍ واحدةٍ، وصوتٍ أجشٍ عميقٍ
وعينٍ واحدةٍ لامعةٍ، حادةِ النظراتِ
وشعرٍ ذهبيٍ
وببغاءٍ ملونةٍ، على الكتفِ
كالقرصانِ “جون سيلفرْ”، مثلاً؛؛
لكنهُ لم يكن إلا مديرَ مشفى، عادي الملامحِ، تماماً
موظفاً أخرَ—
اتضحَ أنهُ كانَ
قرصاناً، في نهايةِ المطافِ،
كذلكْ…
[في مشفى حاميش—٢] …

في الساحةِ الصغيرةِ المخبوءةِ بين البيوتِ
حيثُ تنتهي كل التكسياتِ/والميكروياتِ/وعرباتُ الزبالةِ/وشراميطُ البيوتِ الرخيصةِ
بينَ أعمدةِ الكهرباءِ الناحلةِ المائلةِ
هناكَ—
حيثُ لا شيءَ يُحتملُ وقوعهُ
هناكَ—
خرجَ الصوتُ
“سوريا بدها حرية”
ولم يعُدْ…
[بينَ البيوتِ، بين البيوتْ]

عن جمال منصور

جمال منصور
شاعر سوري مقيم بكندا. مختص بالعلوم السياسية في جامعة كونكورديا