الصفحة الرئيسية / تجريب / الطّريق، سيرًا إلى حلب
حلب / 2012/ KeviG Tatios

الطّريق، سيرًا إلى حلب

هُناك؛ نعم فوق القلب، سيفٌ يخز!
أحبُ فكرة أنني لو كنت أملك مدفعًا صغيرًا، كُلّ قنبلةٍ في المدفع ستكون اسمًا لطفل، كُل قنبلةٍ ستنفجر في مدفعي الخاص ستذكرنا مجددًا بطفل، طفل ينفجر اسمه في السماء.
سيكون هُناكَ قنابل كافية.
لن ننسى أيَ اسم هو لنا. هذا الدمار كُله لنا!

ذاك اللون يرسم لك وجوه أطفالٍ ماتوا في القصف على حلب.
حلب؟!
حلب، حلب، كَلّمتكِ عدة مرات، حملتُكِ على جسدي ظِلًا تلاحقينني أينما ذهبت. ما بكِ، ما الذي حدث لكِ؟ عدة أخبارٍ تقول أنّ بناءً كاملًا.. انهار وأعطى الأرض قبلةً، والناس؟ على الأرض؟
ما الذي جرى؟!
كُنتِ أنيقةً، ما بكِ؟
قهوتي صباحًا: تعودتُ أن يميل الفنجان، يتبلل الفنجان من الطرف اليمين، فيسقط على الوعاء. وعاء فنجان القهوة يميل، تحصل المشكلة ! يُصاب جوربيي بابتلال نقطةٍ صغيرةٍ جداً من اليسار. هذا أتى من حيث أنّ يدي تهزُ دائماً.. السيف الذي حدثتك عنه هو السبب بنزعِ جورابي.

في الصباح أضعني في غرفةٍ تحت لافتة كُتب عليها (الموت للجميع .. الحياة للعُراة فقط) كتبتها حينما كُنت عاريًا!
كُنت عاريًا في الصباح، و كانَ الصباحُ بسيطًا..
اتصلتْ أمي اليوم بي. كنت أمام مجمّعٍ هائلٍ من التكنولوجيا.. قالت لي أن الاتصالات انقطعت ووضع المدينة سيء. كان صوتها يرجف كقلبي، سبّبَ لي متاعب رجف قلبي، انزاح السيف تماماً عند كلمة المدينة.

مدينة.. نعم.. تلك التي حملتها إلى ألمانيا. قال لي عنصر أمنٍ لبناني في مطار بيروت: ماذا لديك في الحقيبة؟ قلت له: في داخلها حقيبة. لم يصدق. فتح حقيبتي، كنت خائفًا من أنه ظَنَ أنّ ملابسي متفجرات، وجد كما قلت: ملابسي ومدينة، تلك ذاتها الكلمة التي أزاحت السيف.

رجل قضّى عمره في السجن يُدخن الأفيون، رأيته في القطار.
قال لي من أين أنت؟
أنا من أخطر مدينةٍ في العالم
قال لي.. أهلًا
قلت وانت؟
قال: أنا عربيٌّ أيضاً.
قلت أهلًا، أنا سأنزل في المحطة القادمة.
خرجت من القطار أقول في سرّي: فرصة عنيفة.

حدث الأمر لك الآن.. الظل الذي يسبقك، قبلك. لما قلت حلب ثلاث مراتٍ بكيت!..
هل يعجبك ما حصل اليوم؟
كتبنا كل هذا وحلب الآن تمطر فوقك .
تذكرك بكل ما مضى من أحاديث الغرباء لك
دموع أمك و فرشاة الاسنان
كأنك تشعر أنك طعنت السماء فانهارت فوقك دموعاً
والسماء دائماً حلب..
إنه ماضيك الذي يمطر الآن يا سيّد.
ماضيكَ.. الذي بللَّ قميصك الأبيض!

ستعودُ إلى صباحكَ غدًا، تحتَ لافتةٍ كتبتها حينما كنتَ مخدرًا نفسك!
ستُردي كُلَ ما لديك … لتذهب
و تبتسم للكوكب من جديد
و تتساءل!
من الذي يكتبَ عني؟!

عن جوزيف شامي

جوزيف شامي
مسرحيّ سوريّ

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.