هو الحُبّ إذًا
هو الحُبّ دائمًا
“ولكن نجّنا من الشّرّير“
يا أبانا لماذا لم تستجِب؟
/
رغبةٌ بالتّلاشي،
كما لو أنّني خليّة في بشرة من أحبّ، كانت وزالت ولم يشعر بها.
كما لو أنّني الحبّ نفسه، أو ما أُطلقت عليه أسماء الحبّ كلّها.
كما لو أنّني أنتَ حين أحببتني.
كما لو أنّ قاطع طريقٍ سلبني كلّ ضمائر المتكلّم، وصار يرغب بالتّلاشي، كما لو أنّه خلية في بشرة من يحبّ. كما لو أنّه…
/
دعني أخبرك أمورًا كثيرةً في المسافة الفارغة بين سطرين،
وفي إطراقة العيون حين تقرّر الكلمات أن تنضب فجأةً وتخلخل الصوت.
دعني أخبرك أمورًا كثيرةً بقيت عالقة في اللحظة التي لا تُحتسب حتى ولو على سبيل وقتٍ ضائع.
/
“لمّا كنت تحبّني كانت الشّام أحلى“ هذه الجملة الّتي تطير كثيرًا في ذاكرتي، وقعت قبل زمنٍ طويلٍ من فمِ رجلٍ داخل مسلسلٍ عاطفيّ لتسقط في حضني. بنتٌ ضجرةٌ تجلس في صّفّ أفكاري الأخير تسلَّت بقصقصة حكاياتي وطيّها على شكل: “لمّا كنت تحبّني كانت الشّام أحلى“
كنتُ أتجنّب الكتابة عن الحرب خشية أن أوجع الورق. الآن أحزّ عنقه باسمك. اسمك الّذي أخفيه تحت وسادتي وأحمي به ساق الفقد المكشوفة من تحرّش الأحلام. الآن أفكّر في أنّني كنت مخطئةً واسمك ليس مجرّد سلاح أسوقه إلى نومي، بل هو الحرب بكامل عتادها من قَتْلَى وقَتَلة، وإلاّ فكيف لحروفه أن تحشدني وتبعثرني هكذا؟
وكنتَ تسألني “حلوة الشّام؟“ فتسيل قبلتك المشتهاة على خدّي حارّةً جارحةً، وتتردّد في مسامي الابتهالات “لتكن مشيئتك.. لتكن مشيئتك“
/
صدّقني.. جرّبتُ أن أكتب عن كلّ شيء:
عن الحسن وطابعه وكلّ الرّسائل الّتي ضلّت طريقها.
عن لون العينين؛
مرّةً استعرتُ قصيدةً من شاعرٍ ولم أعدها له بعد “يا أزرق.. يا أخضر/ أين نهايات البحر؟ / وأين بدايات الغابات؟“(1)للشاعر عبد القادر الحصني
مرّةً استعرتُ لسان جدّتي كي أسبّحَ الله، احمرّت السّماء، قلتُ لعلّهُ وجهُ جدّي من تضرّج.
عن مشيتك السّريعة وكأنّكَ على موعدٍ دائمٍ مع امرأةٍ، قد تكون سواي.
عن رجالٍ آخرين، كنتُ شديدة الوفاء لهم داخل نصوصٍ قصيرة.
عن وردةٍ وضعتُ لها سيناريوهاتٍ عدّة:
داخل كأس ماء يجاور فنجانك. لأنّني خطّاءةٌ بارعة تذبل الوردة. لأنّك كاذبٌ فاشلٌ تقول: “طيبة القهوة“
خلف أذني في لقطةٍ بالأبيض والأسود، أستطيع سماعك بشكلٍ أفضلٍ الآن.
أمسكها بكلتا يديّ كي أجدني وسط الزّحام.
على غفلةٍ من “الأمير الصّغير“ أطعمها بشوكها لخرافٍ تائهة.
أرميها فوق قبري وأنتظر منك أن تبلّلها بنظرةٍ أو قطرة ماء.
/
هو الحُبّ إذًا
هو الحُبّ دائمًا
“كفاف يومنا”
هل هذا كثيرٌ يا أبانا؟
/
كنّا نتعانق مثل شريط DNA
صرنا نتعانق مثل حبلٍ ورقبةٍ طويلة.
/
كنتُ أصلّي كثيرًا
وكان هذا يدفعكَ للبكاء
لم أخبركَ يومًا أنّني لهذا السّبب كنتُ أصلّي كثيرًا
ولهذا رمشت عيناه الجميلتان، أقصد “أبانا”.
المراجع
↑1 | للشاعر عبد القادر الحصني |
---|
يجب عليك تسجيل الدخول لاضافة تعليق.