اسماعيل الرفاعي
٥ تشرين الأول ٢٠١١
٧ –
يصدف أن أكتب نصاً في الصباح، عن طائرة ورقية هائمة في فضاء طفولتي.. وأن يغالب صغيري النعاس في المساء، بانتظار أن يريني طائرته الورقية الجديدة.. كان يرقص من الفرح وهو يسحل ذيلها المزركش في ممر البيت، نلعب سوية.. كلانا بعمر واحد، لكنني أكبره بسنين من الذكريات الحزينة، وبعض ندوب في القلب، وموجة من التجاعيد في مياه الروح.. وحين يفيض النعاس من بريق عينيه الداكنتين، يفلت بكرة الخيوط الحمراء في كفي، يرجوني أن أخفيها على رفّ خزانتي، يطمئن عليها، ثم يستسلم لنوم عميق بين يدي.
يصدف أن أهرول بطائرة ولدي الجديدة في حلمي، وأن تتلوى آلاف الذيول الورقية في سماء الحرير.. لأستيقظ على يديه الصغيرتين، تهزّان جذع الحلم، فتهبط الطائرة من رفّ خزانتي، يفرط بكرة الخيوط، ويحلّق إلى باحة المدرسة.
يصدف أن تعوي في رأسي طائرات صديقة، تقصف أبراج الحمائم على أسطح المدائن والقرى، يرسم حماة الديار سمتها الأعمى، يحرثون الأرض بحربات بنادقهم. فيزرعها أخوتي بفاكهة الحياة، شهيداً تلو شهيد..
ويصدف أن يستيقظ ولدي على دموعي، يشحب وجهه، يستغرب مايرى، يتلعثم، يحاول أن يسألني، يصمت، يقترب مني، يبتعد، يلوذ بحضن أمه، يبعثر عربات قطاره، يخرج سلحفاته من سباتها، يفرغ علبة الطعام في حوضها دفعة واحدة، يعود أدراجه، ينظر إلي يتمهلني بعينيه الداكنتين، تومضان فجأة، يتسلق خزانتي، ويسحب ذيل طائرته الورقية، يفلت بكرة خيوطها بين يدي، ويبتسم.
يجب عليك تسجيل الدخول لاضافة تعليق.