.
.
.
.
سامر المصفي
.
منذ 12 عام – وفي قسمه – قال الاسد صراحةً: انه لا يملك عصى سحرية… من اجل بناء سوريا والجميع صدقه… فعلاً..
.
فمنذ موسى وعصاه التي شقت البحر “كالبطيخة” لم يذكر احد انه رآها ثانية في مكان ما..
حتى اعضاء مجلس الشعب يومها.. نظروا جيداً حولهم.. وتحت مقاعدهم عن اي خشبة او مفك او رجل كرسي مخلوع قد يكون سحرياً، او ربما قد يوحي بأن ارنباً سيقفز او منديل سيختفي… ولكن عبث، الكل هز راسه وتابع التصفيق.. فلا وجود لتلك العصى ابداً../ يا لهذا الرئيس الشاب المتعلم والذكي…/ الكل “أجمع”على ذلك من دون اي تردد
ربما هو سوء طالع لا اكثر فلا يهم ان كانت سوريا مهد الحضارات وان عاصمتها التي كانت مضاءة ليلاً وشوارعها معبدة عندما كانت باريس ولندن مجرد اكواخ من الطين؛ ولا يهم ان كانت بلداً زراعياً.. وسياحياً.. وصناعياً.. ويمتلك قوة عاملة فتية وعقول فذة وثروات باطنية وغير باطنية؛ لا يهم ان كانت تملك ارثاً نضالياً.. وثقافياً.. ووطنياً.. تغص به مكتبات العالم وتتحدث عنه الشعوب التي غزته
.
.. لا يهم… فما نفع كل هذا اذا لم يكن لدينا * عصىً سحرية..*
ماذا نستطيع ان نفعل بكل تلك المقومات وكل تلك العقول والخبرات من دون تلك الخشبة العجيبة القادرة بهزة واحدة على استئصال الفساد من شروشه وتحرير الجولان وانتشال معمل الكونسروة من الافلاس المزمن..
لاشيء طبعا”..
.
لذلك..ولطيبتنا
رضينا بالتوريث وبالتعديل الدستوري العجيب وحقنّا مفاصل الاحزاب والمنتديات والجمعيات بزيت الحداثة والمجتمع المدني والحريات والديمقراطية الموعودة
لم نلتفت كثيراً لمسالة الرتبة العسكرية التي قفزت خمس درجات دفعة واحد – من يكترث لهذه الترهات في تلك الظروف المفصلية – كان تفكيرنا يومها منحصر في الخلاص من مرحلة الاب/هو ايضاً كان كذلك/.. ولم نزل كنا غير مقتنعين انه قابل للموت وللفناء هكذا مثل اي شوفير سرفيس على خط المليحة..
.
طولنا ألسنتنا ..حتى كادت تصل للرصيف الثاني من بيت جمال الاتاسي في المزة..
كتبنا الشعر الاباحي وشتمنا حزب البعث ومسحنا بكرامة القيادة القطرية الارض ..
حقيقة كنا نعلم انه لن يورثه تلك العصى السحرية عندما ورّثه البلاد والعباد والمستشفيات والسجون وبيوت الدعارة ومحلات الشاورما بالشيخ سعد. لكن ربما كنا نأمل بأن الابن المجتهد المنفتح المتعلم الذكي “سيجدها” في مكان ما في مكتب الوالد والذي لم يدخله سوى مرتين..- الثانية كانت بعد موته – ولكنه للاسف اكد لنا ومنذ 12 عام انه لم يجدها وانتهى الامر، لذلك – واسوة” بغيرنا – قررنا صنعها بانفسنا – وللامانة لم نكن نعتقد انها صعبة الى هذه الدرجة، ومكلفة الى هذا الحد –
.
كنا ومنا من لازال يعتقد – انها مجرد خشبة بطول 50 سم لونها .؟/.غير مهم/
يكفي ان تحركها الى اليمين. لتظهر لك قائمة بحقوق الانسان. وبنوده الجميلة عن حق الحياة والتعبير والعمل والاعتقاد والفكير …الخ وقائمة لا تنتهي من الكلام الغريب والمهذب.
ولو حركتها لليسار..يظهر لك برلماناً محترماً مهيباً يسد بابه صندوق مغلق بشق في اعلاه..
وبحركة اخرى يعود المغتربون والمنفيون وهزة بسيطة يخرج المعتقلون السياسيون المتعفنون من عشرات السنين في تدمر وصيدنايا وفرع فلسطين.
.
يا لها من عصى جميلة فعلاً…
كيف لا نموت من اجلها؟؟
لكن في الحقيقة ما لم يخطر في بالنا ان هذه العصى ليس بالضرورة ان تكون قطعة خشبية
بل ممكن جداً ان تكون مجرد اربع كلمات على حائط مدرسة// الشعب يريد اسقاط النظام //
.
وما لم نعرفه ايضاً..ان هذا الرئيس المنفتح المتعلم والذكي كان قد وجد فعلا في ذلك المكتب خلال زيارته الثانية تلك العصى لكنه كذب علينا ولم يقل انها كانت كهربائية وسوداء اللون.. وايضاً، ايرانية الصنع وليست سحرية ابداً