الصفحة الرئيسية / نصوص / شعر / مفعول الرصاص II

مفعول الرصاص II

 .

 .

 جمال داود

 .

صوت الرصاص أكثر الأشياء رعونة و طيشًا و “رزالة” و “زعرنة” في العالم

و أكثر الأشياء كفرًا في العالم ,

و أكثر الأشياء عهرًا في العالم

و أجرأ الأشياء بالعالم

و أعنف الأشياء

في العالم

و أكثر الأشياء إثارة جنسية في العالم لممارسة قصيدة

 

صوت الرصاص هو آخر درس في الحرية

يلقيه الثائر على الناس

 

هو أصدق خطبة للطاغية

هو أبلغ بيان للعلماء و خطباء المساجد

 

مالذي يمكنه اقناعنا بالتوقف؟  بعد أن بلغنا صوت الرصاص

مالذي سيتمكن من غمد عزيمتنا ؟ بعد أن أشعلنا الرصاص

 

دفعنا دفعًا إلى الحرية

و أحرق العالم كل مراكب العودة خلفنا

 

لم يعد بإمكاننا سوى محاولة الطيران بأجنحة طرية

من فوق قمة جبل عال لانبصر نهايته

 

لم يعد بإمكاننا سوى التجديف على قطعة الخشب هذه

و إلا سيبتلعنا المحيط للأبد

 

الحرية أصبحت قدرًا علينا لاتظنوها خيارًا

لم تعد خيار…

هي النضال للحياة في قبضة الموت….

هي الترياق من سم الأفعى التي ترقد معنا بجحر الدار

 

الحرية ليست دليل تحضرنا الآن….بل هي الدليل على أننا نجونا

على أننا لانزال أحياء

 

كل الموانع و الأقفال و الأغلال الحديدية فتحها الرصاص على آخرها و فجر فيها ثقوبًا و ممرات زمن….

الجميع يستطيع الكلام الآن بفضل الرصاص

 

لايمكن أن ننتهي هنا…و قد ألفنا صوت الرصاص و أصبح عادة

و أصبحت لنا بداياتنا بعد أن كنا مجرد عتالين للتاريخ

و الفضل للرصاص…و ليس للمعارضين الذين أنتجهم زمن الجلاد

 

الرجل العجوز أصبح بإمكانه الانتصاب سريعًا بفضل الرصاص

و المرأة التي تجاوزت عامها الأربعين…استعادت دورة الدماء قبل عام الأربعين

 

الآباء دخلوا الفيسبوك….و الوالدات يتغنجن من أجل اللايك

 

كل شيء يعلو صوته على صوتك أيها الجلاد

إلا صوت الرجال على النساء الثائرات

 

المرأة خلع حياءها الرصاص

و نزلت لتناطح عرفـًا أو سطرًا سماويًا خرش سراويل أحلامها الطويلة و بلل معالم أنوثتها بالبكاء

 

المراهق أصبح يمارس عادته على صوت الرصاص…مرة و مرتين و ثلاث حتى يستسلم الهاون لقذائفه الملحة على الخروج

 

العاشق يقابل حبيبته في منزل في وضح الرصاص

و يبادلها الحب على سرير من الرصاص

و ينتشيا معًا….نطافًا من رصاص

على مرآى من الصامتين و المحايدين و الخانعين لصوت الرصاص

 

الأم امتلأ ثدييها بالحليب بعد أن طرحوا منها الحليب عند دخولهم الأول….و الرضيع يمزق حلمة الرصاص بشفتين اعتادا تمزيق الرصاص

 

أي الحواجز سيتمكن من إيقافنا ؟ أي نشرة أخبار ستخدعنا ؟ أي جوع سيذلنا ؟

بعد أن مزق الرصاص بوابات حاراتنا و تلفزيوننا السيرونيكس و أفرغ من برادنا المؤونة

 

أي عرف أو تقليد  سيصمد أمام النوم بالعراء؟ و هل الأقدام باتجاه الرؤوس أم الرؤوس نحو الأعضاء الجنسية ؟ أين هي الأعراف التي تحدد نوم النازحين و المهجرين عن بيوتهم

!!

أي المنظمات أي المعونات ستكفي أسرًا نزحت عن بيوتها شارعًا واحدًا لتجد أسرًا أخرى تتهمها بالفقر و العجز و الإرهاب و تخريب الدقائق التي تتخلل صوت الرصاص

 

أي عسكري سيخيفنا برصاصه و الرصاص الصدئ يهطل فوق رؤوسنا من فوهات البنادق التي اشتريناها بليراتنا ؟

 

أي عنصر مخابرات سيرعبنا بقبوه و وسائل تعذبيه التي استحالت لوسائل بدائية أمام الرصاص الذي يحصد أرواحنا ببساطة…دون عذاب

 

أي دين ؟

أي فتوى ستمنع عنا ممارسة الجنس قبل أو بعد أو على صوت المدفع

أو الصلاة على سجادة استمنى عليها المقاتل رصاصات

 

أي سماء ستمن علينا بمطرها و قد أمطرنا جيشنا المخصي بالرصاص

 

أي المدافع أي الصواريخ أي الطائرات ستتمكن من إدراك صراخنا

الذي ولده الرصاص

.

.

.

أيها الجلاد / أيها القناص /  أيها الجندي / أيها القاتل

 

لقد أصبتم خوفنا في مقتله

و لكي تتأكدوا عليكم رؤية جثته و هي مفتقة بالرصاص

لقد ارتكبتم مجازر بحق خوفنا و أولاده

فأين هي مذيعتكم الخائفة لتكذب الخبر ؟

 

السوريون سيحلقون عاليًا في السماء

 

و خاصة اولئك الذين طرش آذانهم صوت الرصاص

سيصرخون عاليًا

حتى يعلو شأنهم فوق الأمم

أو يصيبوا هذا العالم الذي لم يبالي بهم

بالطرش

 

بالفعل يا أصدقاء سوريا

و يا مدعي الحرية

 

لقد نجحت تجربتكم…

السوريون أصبحوا أحرارًا

 

أخيرًا

!داخل قفص

 

ياويلكم لو يخرجون…

و قد اعتادوا صوت الرصاص

 

تصوير لارار حداد

عن جمال داود

جمال داود
شاعر ومصور فوتوغرافي سوري مقيم بماليزيا. حاصل على شهادة البكالوريوس في الاخراج الرقمي