الصفحة الرئيسية / تجريب / بريدٌ إلى السمَا
صندوق بريد
صندوق بريد

بريدٌ إلى السمَا

جمال منصور
 
 

ما كانَ اسمُها
قل لي، بربكَ،
تلكَ الفتاةُ كبيرةَ الردفَيْنِ
الـ كانَ ابوها سائقاً في المخابراتِ الجويةِ—
تلكَ الـ كانت تستقبلُ أشباهَ الرجالِ
من رفاقِ أبيها
في بيتِ أبيها
الـ كانَ بسيارتهِ يغتصبُ البلادَ
بينما كانَ يغتصبها على سريرهِ
من لم يعرفوا الحب، يوماً—
ما كان اسمُها؟؟…
[وادي الذئابْ]

لا تنظري إلي بازدراءكِ المرعبِ
فأنتِ،
أنا،
اعتدنا الحياةَ بالمقلوبِ—
الرأسُ، تحكمهُ الأقدامُ/الشرجُ، للتنفسِ/الخراءُ، حشو الوسائدِ، والأرواحِ المنفوخةِ كالمناطيدِ/القضيبُ، لسانُ الحكمةِ الوحيدُ
والأمامُ وراءٌ
والسجنُ مدرسةٌ
والكذبُ مئذنةٌ
وحافظُ الأسدِ
“رمزُ الثورةِ العربيَهْ…”
[بالمقلوبْ]

سجناءَ عشنا،
داخلَ أقفاص الروحِ المحشورةِ
“أزهى سنينِ عمرنا”
كما كانَ أبي يقولُ لي، بابتسامةٍ صفراءَ على الدوامِ
حينَ كنا نمرقُ على استعجالٍ
بتلكَ العصافيرِ البائسةِ/منتوفةِ الريشِ/بائتةِ الصفيرِ
الـ كنتُ بحزنٍ فضوليٍ أراقبها
معروضةً
بضاعةً كاسدةً، على رصيفِ سوقِ العصافيرِ
قربَ ساحةِ المرجةِ
تطلقُ للا-شيءَ
صيحاتها الطربةَ الخرقاءَ
بينَ تدافعِ الأقدامِ الدائرةِ حولَ نفسها/روائحِ المجاري وزبالةِ المدينةِ/ضجيجِ العفنِ الـ يأكلُ وجهَ المباني الـ كانت
والسماءَ
والأرواحَ
والأرواحَ
والأرواحْ…
[سوق العصافيرْ—THE SOUL CAGES]

بلهفةِ من كان ينتظرُ روحهُ التائهةَ،
كنتُ أنتظر ساعي البريدِ
ببنطالهِ الرمادي المهترئ عند الركبِ/ياقةَ قميصهِ الـ كان يوماً أبيضَ اللونِ، الوسخةِ، على الدوامِ/شعرهِ الشائبِ، عندَ الفودَيْنِ/دراجتهِ الصينيةِ
الـ كانت كحارتنا
كأحزاننا
كسيارات السرفيسِ الصفراءِ الـ تقفُ في ساحةِ “باب شرقي”
صدئةً
عتيقةً
تمشي، ولا تمشي؛
ليأتيني بالرسائل الآتيةِ إليَ
من عالمٍ آخرَ
في ظروفٍ ملونةٍ بهيجةٍ
—مبقورةِ البطنِ، من مبضعِ رقابةِ البريدِ
بالتأكيدِ—
لتضيءَ عتمةَ غرفتي الباردةَ
وعجزي
وفقرَ الحواسِ
وعوزَ السماءِ
الـ كنا نعيشهُأجمعينَ
في هذي المدينَهْ…
[بريدٌ إلى السمَا]

عن جمال منصور

جمال منصور
شاعر سوري مقيم بكندا. مختص بالعلوم السياسية في جامعة كونكورديا