الصفحة الرئيسية / نصوص / شعر / لحظات إلهية – جمال داود

لحظات إلهية – جمال داود

(1)
لحظات ٌ للقيصر…
يبتعد فيها عن تحفه المرصعة وعن مراقبة الحرس و المرتزقة
يتعرى من لِباسه , يقتحم مقصورة نومه , يزمجر , يزئر  
 يخلع عنه خاتمه الامبراطوري الذي يميزه عن باقي القياصرة المجاورين
.ينتشي بزجاجة من عطر الموتى , من دم القتلى و أرق المعتقلين 
يأخذ استراحة من قيادة الكوكب , يمشي في مخدعه حافيا ً , عاريا ً , سليقيًا 
سامحا ً للهواء بلمس أعضائه الذكرية ,
يخرج هذا الهواء للمملكة , و يطهر أرض المملكة
يتنشقه جميع العابدين للقيصر ,
و يشكرونه على نعمة الهواء المعطر
(2)
لحظات ٌ للقيصر..
يداعب فيها أطفاله , ماعدا ابنه الأكبر
حامل لقب القيصر
واسمه بالتأكيد كاسم جده الخالد
قيصر
ولي العهد يحمي امتداد السلالة
يتعلم قطع أفواه الشعب و حبائل أدمغته , يتعلم حمل خاتم المهرج و القناع المزيف و أخذ دوره في الخطابات الرئاسية 
ولي العهد يتعلم من أين تنهب الثروات و كيف على العائلة الملكية , توزع
لولي العهد كل شيء مستباح ٌ في المملكة
الماء و الهواء والنفط و الإنسان و الكلام و القمح و السكر
(3)
لحظات ٌ للقيصر..
يدخل فيها على زوجته , كبشر عادي
 لا يخاطب ولا يذبح و لا يتجبر
يدخل على زوجته بسرواله الحريري الأجنبي و دمه المقطر
 يعمي عيون العسس و رجال المكتب السري عما يجري في مخدعه الحجري
ويبدأ في عمليه تطهير العرق البشري و انجاب القادة و الآلهة  و ربما لا يتأخر
فهو منهك من مهامه العقارية
و من تقاريره الاستخباراتية
 و من أعوانه المقصرين
و من عبث أولاد العمومة
ببيت مال المسلمين
ربما لأخيه الصغير “رأياً ” , أكبر
و ربما هو عادة لايتأخر , و أمام عامة الشعب فقط
يصيح  كقيصر
(4)
لحظات ٌ للقيصر..
ينهي فيها معركته الرجوليه دون أضرار تذكر
دونما خسارة من خزينة الدولة
التي تستصرخ , تعوي , تنبح , تسعل , تردح كل مساء و تتساءل
من أكبر؟؟ هي أم خزانة القيصر ؟
و أهل القيصر؟
(5)
لحظات ٌ للقيصر..
 يخرج من حرمه المقدس , يغتسل , يتطهر , يتوضأ
ليقيم صلاة الجماعة على روح الحرية
و ليبارك نعمة الخلافة و المرتزقة و العسكر
(6)
لحظات ٌ للقيصر..
 يدخل فيها  البيت الجمهوري أو البرلمان
ليجلس مضطرا ً على كرسيه المذهب
و يتقلب صور معارضيه و الطامحين بالسدة أو الصولجان
 يمسك براياتهم و أعلامهم و إعلانهم
و يتغوط
يتغوط
يتغوط
مثل البشر تماماً 
و ربما أكثرْ
(7)
لحظات ٌ للقيصرْ..
ينهيها..
ثم يعود  كما كان والده
ربٌّ لا يقهرْ

عن جمال داود

جمال داود
شاعر ومصور فوتوغرافي سوري مقيم بماليزيا. حاصل على شهادة البكالوريوس في الاخراج الرقمي