الصفحة الرئيسية / نصوص / نثريات / أتى صاحب العجل

أتى صاحب العجل

مصطفى حديد
 

رجال الأسد.
هكذا رباهم, لهم دالة على كل ماعداهم.
في لبنان أطلق يدهم في السلب والنهب وبهدلة الناس والتسلية بمعاناتهم وعذابهم.
يكفي واحدهم أن يدخل بسيارة كتب عليها “سوريا الأسد” حتى يصبح منيعاً على القوانين, يتعمد الوقوف في دمشق “امام شرطي المرور” في منتصف الشارع لعرقلة المرور وإذلال الشرطي الذي لاحول له ولاقوة, بينما يتلذذ بكأس من العصير قدمها له صاحب العصائر “مجاناً” وهو يقول: بدنا الرضا ولو! .
وكلما تجمع الناس وتعطلت أعمالهم واسودت وجوههم دون أن يجرؤ أحدهم على التأفف… كان أدعى لسروره.

تناسلوا وتكاثروا في كل حي وحارة , وسماهم أهل الساحل “شبيحة”.
يجلس واحدهم على الحاجز كإله مأفون تحت إمرته من هم أغرار وأقل شأناً, يصدر لهم الأوامر بالتوقيف أو القتل أو التأديب أو المصادرة… حسب مزاجه , دون أن يخطر في باله أن أحداً سوف يراجع مايقوم به من أفعال بحق خلق الله العاديين.

أجيال من هذه البضاعة نشأت في سوريا الأسد وسيطرت على كل شيء فيها, وجاءت الثورة التي ظن هؤلاء أنها مناسبة لتكرار ماتعودوا عليه خلال عقود, واستبشروا خيراً بموارد إضافية… ويوماً بعد يوم أخذ الضحايا يتسلحون ثم أخذوا يتقنون استخدام السلاح. وصار الشبيحة يتعرضون للقتل , وصارت جثثهم تترك في ساحات المعارك , وصار أهلهم وأبناؤهم يدفنونهم بصمت… وبعضهم يتساءل وماذا بعد؟

هذه الحال تذكرني بالأسد الذي وجد العجل عالقاً في جب عميق فانحدر إليه وافترسه وبعد أن شبع حاول القفز خارج الجب ولكنه قصر عن الحافة , وصار كلما كرر المحاولة يضرط بشدة.
سمع الجلبة فلاح فجاء إلى الجب ونظر .
قال للأسد: ليس الآن وقت الضراط, انتظر حتى يأتي صاحب العجل.

 

عن دحنون

دحنون
منصة تشاركية تعنى بالكتابة والفنون البصرية والناس.