كفتنة الموج يغزل خطواته بين السادة المترفين. مفتونٌ بشبابه، بصهيل الحياة في عينيه، وبطعم التفاحتين، والورد، والنعناع، والعنب، تمتزج كلُّها في رئتيه بطعم حريقٍ وطعم لقمة عيش.
*حاضر…جايي…يالله، يالله..
ويسبقه إلى تلبية النداء دخانٌ، وروائح مدوّخةٌ، ووعدٌ ببخشيش…
يتلملم كلطخة عارٍ ويركض هارباً نحو المطبخ حين يلمح معلمته تدخل من بوابة المطعم.
اسمه أيمن. طالب التمريض المتفوّق هذا، والمفتونٌ بشبابه، يفتن معلّمته أيضاً. عيناه، وعيون رفاقه الساخطة على زمنها الرديء تعدُ بجيلٍ قادرٍ على إكمال الدرب. سخطهم قناعُ يقظةٍ تمنح المعلمة إحدى حوافزها النادرة في مهنة التدريس.
ستخترع في درس الغد أية مناسبةٍ بلهاء لتحكي من غير أن تتطلّع إلى أيمن، أنّ المعلّمة التي صارت تمتلك بيتاً بعد طول عذاب، وتزيّن عنقها بسلسالٍ ذهبيّ؛ كانت يوماً ما، في عمرٍ أصغر من أعمارهم قليلاً، تبيع شتلات البندورة والفليفلة والباذنجان في سوق الخضرة، وتضمن من أرباحها الصغيرة مصاريف دراستها. وأنه حدث مرّةً أن مرّتْ زوجة خالها من السوق، ولمحتها الطفلة الصغيرة تلك، وأخفَتْ رأسها بين ركبتيها ريثما تبتعد زوجة الخال. وأنها اليوم، لو يعود بها الزمن إلى ذلك اليوم البعيد؛ لأبقتْ رأسها مرفوعا…
30/4/2013