صباح الأحد في طريقنا إلى صَيدا من عاليه.
جورج – (أب سطام) كما أناديه – في المقعد الذي إلى جانبي ومحمد البيروتي (أبو معروف) كما اختار أن نناديه في المقعد الخلفي وقد تولى كسر العرق البلدي لطريقنا الطويل
على مشارف “عَيتاتْ“. يقف جندي لبناني ينتظر تكسي، ببزته العسكرية المموهة وعلى رأسه “البيريه” الخضراء المائلة وأكمام الجاكيت المُشمَرة عن ساعديه وعلى كتفه حقيبة ظهر، كتلك التي كنت أحملها أيام الجامعة والتي احتاجتني لأن أدخر مبلغاً من المال، وينتعل حذاء “رينجر” أسود لامع كنت أقصد سوق الأحد “للبالي” خص نص لأشتريه.
أنزل زجاج نافذته وقال للمجند :
_ صباحو وطنْ … وين رايح؟
_ على “شِملان“
ترجل جورج من السيارة وطلب من المجند الصعود مكانه، وأمرني بأن أغير طريقي إلى “شملان” – بحرفية لهجة الأمر-
_ أبو شوكت وين سارح؟.
_ ليك إنت وهو قبل ما احكي وين صرت في شغلة لازم قولها تحسباً يعني.
العساكر اللي كانو ممنوعين يمروا في وسط الضيعة، وبياكلو قتلة اذا مروا من كثر ماهني زعران وقلال أدب.
لك هذا العسكري اللي طلعتو محلك راشش عطر غطى على ريحة العرق اللي عم يكسرو أبو معروف. لك عندنا العسكري امو بتقرف منو كثر ما مبهدلينو ومجوعينو ومعاقبينو بالقطعة تبعو.
– من تعويض نهاية الخدمة
– ياسيدي والدي خدم مساعد أول بالجيش يعني متل أخوك / معاون أول / اللي طلع عالتقاعد بعد 25 سنة وأخذ تعويض قريب السبعين ألف دولار.
والدي خدم 35 سنة، في 20 سنة منهم جبهة، يعني تُحسب السنة بسنة ونص يعني والدي بيطلع خادم 45 سنة بتعرف قديش طلع تعويض نهاية الخدمة؟
طلع 35 ألف ليرة سورية يعني 700 دولار. انتهى الحديث هنا ولم نعد نتكلم طوال الطريق وبقيتُ عالقاً عند تلك التصبيحة الغريبة على الوطن..
صباحو وطن..
هذا الربط العجيب الذي لم أكن لألحظه يوماً بين مؤسسة ومايجب أن تعنيه وبين وطن وقضية أصبحا مكملة لضرورات القائد الخالد في سوريا.
صباحو وطن
هذا المجند الذي ستعيدني الذاكرة إليه في شباط 2005 بعد مقتل الحريري عندما تقدمت فتاة من المتظاهرين إلى حاجز الجيش وطبعت قبلة على خد العسكري الواقف وأعطته وردة والذي ماكان منه إلا أن فتح الحاجز أمام جموع المتظاهرين
أقول الآن لحسين هرموش و لأبو فرات ولمصطفى شدود ولما تبقى من أمل ….
صباحو وطن
يجب عليك تسجيل الدخول لاضافة تعليق.