كان جالسا على مصطبة الاسمنت الرمادية القاسية .
حين تابع ظلال الدور التي تنحسر في الضحى , كالجند المتعبين .
أنا أولى من عبّاد الشمس بالشمس الكاوية
اذا أردت أن يجفّ الدمعُ في مقلتيّ هاتين
……
خلّفتهم , و حرستهم برمش العين .
و نذرت لكل شبر يشبون فيه .
و كنت معهم على طول الطريق ..
من الماء الفاتر إلى مكعبات الثلج
……
البحصة التي انحشرت تحت الجرة و سندتها , أرادت أن تستظل من الشمس , لا أكثر .
….
عكّار ..
رائحة الطيّون ، التي اندفعت من شبابيك السيارة بعد الكوع القاسي ، فانقطع الحديث الذي كان محتدما .
حصانٌ يستحم في الطريق ، غب الماء من الخرطوم ، و جلد الهواء بذيله ، فعرف الرذاذ طريقه إلى الأعلى .
البيوت التي تتكئ على شفير الجبل ، كالعصافير التي حطت على كتف فارس شارد .
و الحمم التي أخطأت طريقها إلى حمص ، و اجتازت الشريط الحدودي دون تأشيرة
……
كل الذين يسلمون عليك من بعيد ..
ترتفع أيديهم إلى الأعلى
و تهوي كالسياط على جنوب ميّتة .
….
من إحدى السموات السبع ،المرصوصة إلى بعضها ..
تطلّ المدن المنسية .
و تبدو،فيما تبدو عليه ، اذا رأيت نورها من الأعلى .
كسبائك الذهب التي وقعت من جعبة عرّاف هارب.
و الطائرة..
سندان المعدن المحشوّ باللحم البشري .
تتجه نحو الغرب ..
و تتبع الشمس المتعبة من نزوحها الطويل ..
كأنما تريد منعها من الدخول إلى خدرها
…..
الرّسلُ الأمناء ..
بين أرباب الحرب
فصّلوا خِرجاً للمكاتيب على ظهور البغال .
و زمّوه جيدا .
سألوا عن الدور بضراعة الأشقياء لحظة المنيّة .
و ذاب اللحم في أطرافهم من الطرق على الأبواب التي لم تفتح .
قبل أن يناموا على عتباتها
….
يا أيها القمر الشاحب , كالصفيح المسبوك …
رأيناك
– و نحن ندلي رؤوسنا في فوهة البئر –
على صفحة الماء الرجراج ..
تلقي نظرة على الذين أنقذتهم من عتمة التيه ..
و تسحبُ نفسك ..
…..
في الحارة الثانية على يمين الساقية النحيلة .
علّيةٌ زرقاء .
بناها علي عسالي , بكلتا يديه , و فؤاده .
و كان مشمّرا عن ساقيه , في بركة التبن , قبل خمسين عاما , أو يزيد .
خلف الباب , كراكيبٌ , و أوان من النحاس , و حسيسُ أفاعٍ , و أشباحٌ تتكوّر في الزوايا .
قال الحفيد للحفيد :
” لو أضرمت شواظا من النار , في هذا العتم , دون أن تبسمل , لاستنفر أهل الخفاء , و ذُقت مسّا ”
فردّ , بأن نظر نظرة باردة , و قدح الثقاب , دون أن يكترث , فبان الغبار على الحديد الصدء .
و أطل وجه من البرواز في فجوة الجدار الأزرق .
و انسحبت عجائز العنكبوت من فورها .
……
من باب الأمانة ..
الأمانةُ , التي تعني أن لا تفشلوا , أو تخافوا .
أقوم بتحريف الوصايا ..
و أقول لكم , حين يندفعُ الزبّد الأبيض في الليلة الضّحياء..
أن البحر الهائج قد خرّ صريعا .
يجب عليك تسجيل الدخول لاضافة تعليق.