تاريخ الشبيحة في سوريا – ١

كان الشبيحة منذ أوائل الثمانينات وحتى أوائل التسعينات عبارة عن عصابات متفرقة لمجموعة منتفّذة من عائلة الأسد ذلتها، أشهرهم على الإطلاق، فواز الأسد، منذر الأسد، محمد الأسد الملقب بشيخ الجبل، وقبل وجود هؤلاء الأئخاص كان ثمّة خيوط للشبيحة لكنها كانت بسيطة بالمقارنة مع الفترة التي أنتج فيها هؤلاء شبيحتهم.

لم يكن ثمة تنسيق فيما بينهم، لا بل على العكس كانت النزاعات كبيرة ومتعددة الأسباب، منها ما يتعلق بالتهريب ومنها ما يتعلق بإيجاد أسواق تصريف وخلق مناطق نفوذ، ومنها ما يتعلق بما اصطلح على تسميته بتشبيح الحارات والمقصود بتشبيح الحارات هو أن يكون لكل زعيم حارته الخاصة به والتي يلحق بها عادة منزله الخاص به وسجنه ومبيت لحرسه الخاص إضافة لكراج لآلياتهم، بالاضافة للمستودعات.

وفي بداية التّسعينات عاد رفعت الأسد إلى المشهد السوري من جديد، وأنشأ شبيحته الخاصة به، والتي طغى على عملها الطابع الاقتصادي.

وفي عام 1993 تعرض الشبيحة لمحاولة تدجين من قبل النظام الحاكم بغية جعلها محل طاعة النظام. وكان باسل الأسد قد شنّ حملة تم وصفها بالعنيفة على الشبيحة وعلى زعاماتها من الأسرة الأسدية ذاتها، أسماء قليلة من الأسرة الأسدية دخلت السجن لفترات لا تذكر، ولكن قسماً كبيراً من الشبيحة دخل السجون ومنهم من بقي سنوات عدّة، وهنا انتقلت ظاهرة التشبيح من مرحلة التنافس المافيوي لمرحلة طاعة النظام ذاته والعمل تحت جناحه.

تجلّت ظاهرة التدجين هذه بدخول أسماء كثيرة من زعامات الشبيحة إلى المؤسسات العسكرية والأمنية، وساهم ذلك بإضفاء طابع عملياتي على الشبيحة ذاتهم، ونقلهم من ساحة العمل الفوضوي – بحكم ولائهم لزعامات متنافسة- إلى العمل وفق أجندة محددة باعتبار دخول تلك الزعامات إلى جهاز الأمن أو الجيش كضباط وأبرز هؤلاء: هائل الأسد، هلال الأسد، حافظ مخلوف، نمير الأسد، فؤاد الأسد وغيرهم؟

وفي هذه المرحلة وحتى اليوم تمّ تخصيص مخازن خاصة لأسلحة الشبيحة ومستودعات لموادهم ومعداتهم ضمن ثكنات الجيش نفسها، هذه المستودعات تخضع لحراسة خاصة (من الشبيحة أنفسهم) وبشكل مستقل عن إدارة الثكنات العسكرية.

تم توزيع مهام الشبيجة وفق التخصصات التالية:

١- شبيجة بطابع اقتصادي:
مهمتها الأساسية فتح شركات ومعامل ونوادي والعمل في التجارة والعقارات، وذلك لتكوين حاضنة للشباب الراغبين بالعمل، ومن ثمّ يتم فرز هؤلاء كعمال أو كقياديين أو مخبرين أو مهربين (كلّ حسب مواهبه!!).

٢- شبيحة بطابع أمني:
وتكون على علاقة مباشرة مع أجهزة الأمن ولكنها بهيئة مدنية (وسيتم الحديث عنها بشكل مفصل في المقال القادم).

٣- شبيحة بطابع ديني:
وهي شبيحة بسمة دينية (من كلّ الطوائف) مهمتها الأساسية خلق مرجعية دينية واحدة، وهذه المرجعية في الحقيقة هي جهاز الأمن ذاته، وبالتالي النظام ذاته!!.

ليس بالضّرورة أن يكون الشّبيح منتمياً للطائفة العلوية (بالرّغم من انتماء معظمهم لهذه الطّائفة) فهم موجودون ومتوزعون في كلّ المحافظات، ولا يعقل أن يكون شبيحة المحافظات الجنوبية أو الشرقية أو الشمالية من العلويين فقط.