بعد يومين سأكمل العام الثالث بعد الثلاثين. هذه ليست مقدمة النص، بل عدم تمكّني من صنع أي عجيبة أو معجزة حتى الآن، هو المدخل الحقيقي للنص المُنتمي لنبؤات فاشلة، لم يتمكن أصحابها بأكثر من العيش وأحياناً العيش المشترك، أو لنقل “كذبة العيش المشترك للسياحة والسفر”، هذه تقع إلى جانب بساتين المقاومة أول طريق الشام.
في اليومين القادمين عليَّ البحث في “أسطورتي الذاتية” عما يمكن كتابتهُ على قالب الكيك، رسالتي الهائلة التي لم أدمل أصابعي بكتابة سطر منها، تحوي على العديد من المآثر نسختها من أنبياء قبلي، سأكتب “بارككم الله” تبدو… ركيكة ومستهلكة كثيراً في دور العبادة، ولكنها جيدة جداً وتوحي بأني سأُنزل بشعبي إحدى العجائب بعد لحظات، شفاء مريض، شق طريق، أو في أدنى الأحوال تراجع عن ركلة جزاء سددها بريمن في كأس العالم 1990 فمنحت الألمان لقباً ثالثاً وأبكت دييغو مارادونا.
لم أستطع قلب موازين القوى في أي مكان في الأرض، هذه تحتاج لإله نناديه، نبحث عنه، هل يستعين به الأعداء أيضاً؟، كيف يُقسّم الإله الذي أرسلنا ساعات عمله بيننا وبين خصومنا؟ كيف نصلي لإله واحد نحن وشركاؤنا في الوطن؟ فلا يتسجيب لا لنا ولا لهم؟ نصحني صديق لأبي قبل أن أدخل عامي الثلاثين أن أتحاشى الشراكة ولو في عرباة فول، فكيف شاركتهم في وطن، وأصبحتُ أنا بلا أي حجر فيهِ، حجرٌ على الأقل لكي أرجم أخطائي، ونبؤاتي الفاشلة.
سأسأل زملائي الأنبياء أو الذين كانوا يعتقدون مثلي بأنه بين 30-33 من العمر ستظهر علامات النبؤة عليهم: “أي نبيٍّ توقّع خسارة البرازيل بموال ألماني سبعاوي جاء بنا إلى الهاوية؟ طيب، وكم من المعجزات يحتاج الموضوع لإعادة المباراة من حيث بدأت، ودار ما دخلك غول.
كيف أعيد أول إسرائيلي دخل فلسطين إلى دياره التي أتى منها؟ مقنعاً أياه أنه لا وعود على أرضنا، حتى تنعم غزة والقدس بسماء ونجوم؟. ما هذه النبؤات الإعدادية؟
لا بد أن كل ما عشته حتى الآن، كان غزالاً في عين أمي، وغزلاناً في أعين أصدقائي الأربع والعشرين، كان لديَّ صديق لكل هواية، ولكني لم أُخلص إلا لهوايتي الوحيدة؛ التدخين ليلاً والنظر في السقف لساعات وساعات منتظراً زيتاً يَرْشحُ من جسمي أو على الأقل ماءاً مقدساً يصبح فيما بعد شراباً شافياً للمؤمنين، يوزع في مختلف أنحاء العالم مكتوب عليه “ماء القديس”، مطبوعةٌ عليه صورتي وأنا أمارس أشد أنواع الكذب والبهورة القداسية.
أين سيكون مزاري، في دير؟ أم في مقبرة كنت أسكر فيها أنا ورفيق دربي؟، أم في ملعب كرة قدم؟، أحلم وبعد وصولي إلى الثالثة والثلاثين وأنا مع منتخب سوريا للناشئين (لا أدري لماذا توقّف الزمن عندي لدى سن الناشئين) بيدي تتلقف كأس العالم من يد جوزيف بلاتر وأقول لهُ جهاراً لا همساً وأمام مرأى العالم أجمع: “من يد نعدمها” …عدّمُ يد بلاتر هذه وحدها تحتاج لمعجزة ولأنبياء جدد.
المعجزات لا تأتي فراداً، فبعد أن أنتهي من معجزاتي الرياضية سأتوجه لشعبي بخطابٍ يبدو بعده العالم بالنسبة لي ضيقاً، فترشحني الألهة لأصيرَ نبي مجرات وكواكب أخرى.
الصورة: زين الرفاعي/AMC-AFP الغبار عقب برميل متفجر، ٧ تموز ٢٠١٤، طريق الباب، حلب
يجب عليك تسجيل الدخول لاضافة تعليق.