الصفحة الرئيسية / تجريب / شغلة بتشبه البلد
مخيم اليرموك، دمشق
مخيم اليرموك، دمشق

شغلة بتشبه البلد

هيفين جقلي

 

تدور معارك بينما نتحدث ..

في هذه الساعات يعلن أبناء “مخيم اليرموك” تحرير المخيم من كافة عناصر داعش بينما لاتزال الاشتباكات مع الدولة دائرة في يلدا وببيلا…والأمر يبعث على الفرح…رغم اليقين التام من سوء المصير الذي ينتظره أهالي اليرموك ورغم اليأس من حياة مختلفة.
هم لايريدون النعيم …. مرتاحون حيث هم ..ربما تتحسن ظروفهم وربما لاتفعل..ربما يختفي التيفوئيد بلمسة معجزة وربما لا ..ربما يُفتًحُ الطريق وربما لا..ربما تعود المياه إلى الصنابير وربما هناك موت على حافة العطش ينتظرهم..وربما في الغد يستيقظون ويكتشفون أن الأمر كان كابوساً…ربما يكون النعيم بانتظارهم غداً..يعرفون ذلك ..لكنهم سيموتون الآن.
شيء ما تغير داخلهم..ماعادوا يأبهون..إن احترقوا أولا… سيندفعون نحو أي نار مُحقة.

وفي هذه الساعات أيضا تُنتًظًرُ أنباء الغزو البري على “غزة”
هناك أيضاً يعرفون..يعرفون جيداً أنهم سيحترقون.. لكن ماعادوا يأبهون.. إذ أن النار في الأحشاء ماعاد بالإمكان السكوت عنها
فليحترق كل شيء
لم يعد يمكن أن أتألم.. دون صوت
و “لله مايسمع من الساكت”
نعرف أننا ذاهبون دون رجعة.. لكن أن نُقتَلَ… أفضل من أن نذبح
ربما تكون النار كافية لإخماد هذا القلب
على أحدنا أن يموت.. يا عدوي
وليكن أنا.

تُمطر براميلاً… كيف بوسع اللغة أن تستوعب جملة كهذه؟
كيف لمنطق الحياة أن يستوعب أناسأً يعيشون تحت السماء السابقة؟
جملةٌ مثل: قد تموتون.. لم تعد ملفتة..
الموت عادي
لكن الانتحار مختلف.

لاانتصار هنا.. هناك إتلاف فحسب.. فناء
رغبة بالفناء ناتجة عن شعور بالقوة يخلفه القبول.. القبول بأن لاعدل هنا…
أجل .. الخير لاينتصر على الشر في نهاية المطاف
ولكن الانتحار يهزم حتى الموت.

البارحة كلٌّ قدم عرضه… كان هناك عرضٌ قُدِمَ في القصر بمشاركة كوكبةٍ من نجوم الدارما السورية تمثيلاَ وموسيقى.
عرضُ لايزال مستمراَ في المنطقة الجنوبية للعاصمة دمشق ، وعرضٌ طويل في غزة ننتظر ختامه
وهناك عرضٌ هائلٌ يجري في العراق يحمل السمة العدمية للعرضين السابقين
والمنتصرة…
فقط لأنها لن تعيش الهزيمة.

عن هيفين جقلي

هيفين جقلي
كاتبة كردية سورية مقيمة بمخيم اليرموك. تحمل إجازة في الترجمة

تعليق واحد

  1. تعددت الأسباب والموت واحد ربما تكون هذه الحالة الوحيدة التي توحد السوريون ( الموت).. لم يعد مهماً طالما أننا سنموت ولن يتاح لنا أن نختار طريقة موتنا .. لاشيء مهم بعد الآن..

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.