الصفحة الرئيسية / أخبار البلد / جولانيات / الجولان السوري المخنوق

الجولان السوري المخنوق

كميل نصر

 

في الجزء المحتل من جبل الشيخ “الجولان” والذي يبعد رمية حجر ليس إلا عن بعض القرى غير المحتلة، قام الاحتلال الاسرائيلي منذ عشرات السنين، وبمنتهى الوقاحة، بتحويل جزء كبير منه الى مناطق سياحية ومنتجعات تزلج حيث يؤمها الآلاف سنويًا، غير عابئين بخطورة الممانعة وحدّة المنعطفات التاريخية الكثيرة بين الجارتين اللدودتين ولا بوعورة الموقف والتضاريس، ولا بالحرس الثوري الذي بات على تخومهم وإمكانية تسخيره لكل ما سلف ذكره لصالح تحرير الجولان وفلسطين، كدسّ الجواسيس والمتفجرات مثلًا. حتى ان “فتّيشات” حزب الله لم توقف الأعمال السياحية العدوانية لإسرائيل.

منتج للزلج على جبل الشيخ في اسرائيل
منتج للزلج على جبل الشيخ في اسرائيل – تصوير: آفي كوغان – نشرت لأول مرة على موقع panoramio

في ذات الوقت، ومنذ عشرات السنين، قام النظام الممانع بإغلاق جبل الشيخ، وخصوصًا القرى القريبة من قمّته، في وجه أي مواطن سوري أو غيره، وبات الدخول للمنطقة يتطلب موافقات أمنية تطفيشية لكل من تسوّل له نفسه بزيارة قريب أو صديق أو حتى بهدف الإستثمار السياحي. حيث تتطلب زيارة أي سوري من خارج السياج (ما قبل الحاجز العسكري) لأي سوري ما بعد السياج استصدار تصريح أمني من فرع المنطقة يتطلب التفرّغ ليوم كامل للحصول عليه، في حين أن الزائر قد يكون من قطنا مثلًا وهو إبن جبل الشيخ ولا يبعد عن الحاجز سوى أمتار، وقد يكون قريباً من الدرجة الأولى، والأهم أنه بالنهاية سوري وغالبا بعثيّ الولاء

“لا افهم حتى اللحظة، الطريقة الخشبية التي تعامل بها الامن مع موضوع التصاريح، علما انه من الممكن الحفاظ علي الامن وبالنتيجة نفسها لو تعامل بها كالمسافر الى لبنان مثلًا دون الحاجة لتصريح امني مسبق الدفع والتعطيل بحجة خطورة الموقف والمنطقة”

مع العلم أنه سبق وأن تمت عملية نقل وإعادة تموضع بطريقة دراماتيكية مبهمة للحواجز عندما دفع صاحب منتجع رشوة ثقيلة، فأصبح الطريق سالكًا لمنتجعه الملاصق للحدود في حين تم وضع حواجز أخرى لقرى أقرب لدمشق على مداخلها للحجج نفسها. وكم من المواقف المضحكة المبكية التي وقعت على تلك الحواجز، كأن يدخل طالب ياباني الى المنطقة دون أي التفاتة من عنصر الامن، وكأن المطلوب فقط تصاريح من أبناء الوطن، أو أن يخطئ أحد أبناء القرى ليصطحب هوية زوجته بدلاً من هويته الى دمشق ويعود دون أن ينتبه عنصر الأمن للصورة والاسم كونه يركز على مكان الولادة والقيد فقط، مع العلم أن قمة جبل الشيخ تبعد عن دمشق (55كم).

وزاد في الزفت بلّة خراب الطريق المستمر منذ عشرات السنوات وخصوصًا في الكيلومترات الأخيرة، ليصبح مجرد التفكير في زيارة أجمل مناطق سوريا، أمرًا مقززًا لأي زائر، ولتبقى المنطقة مغلقة أمام أي احتمال للتطور والنمو، غارقة في الفقر ونقص التعليم، معتمدة على زراعة بدائية، وعلى أبنائها المغتربين غالبًا. في ذات الوقت الجرح الذي فتح فيه النظام بوابة التهريب على أوسع نطاق لقيادات الفروع الامنية، فالمهرب لا يحتاج الى تصريح دخول طبعًا، ولا يشكل خطرًا أمنيًا كونه ابن السلك غالبًا.

وفي غياب شبه كامل لدور الدولة في التنمية والتعليم عن منطقة من أجمل مناطق سوريا، لتحافظ فقط على الدور الأمني الوهمي، واذا ما أغفلنا الأهمية التاريخية والدينية للحرمون، منذ التوراة وجلجامش والمسيح، وجغرافية المكان، كونه يتوسط بلاد الشام وكأنه يجمع الأخوة الأربعة في تلاله، فهو يعتبر أكبر خزان مائي في الشرق الأوسط، يصب معظمه في المناطق المحتلة، وليبقى جبل الشيخ مصدر ثروة للاحتلال، وباب هجرة وحسرة على أبنائه، بانتظار أن تزول الحواجز، وأوهام الأمن والأحتلال.

 

صورة المادة: سكوت بيترسون – Gettyimages

عن كميل نصر

كميل نصر
مدوّن - كتّاب دحنون

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.