دوما جرح آخر للخرافة.
الناس في كل مكان يحتفلون
كرنفالات كرنفالات يسيل لها لعاب الفرح
نساء مليئات بالموسيقى والشهوة
مهرجانات راقصة وألعاب نارية
وانا أحتفل من أجل “دوما” على طريقتي!
على بلادي أملأ كفّي بالدموع
وعندما يستمرّ بكائي ولا يتوقف
أولْول قدر ما أستطيع
خشية على هذا العالم الجاف من الغرق!
أهرب منكِ أكشّم الصور والظلال التي تركض خلفي
أهرب من وجوه أعرفها ووجوه لا أعرفها
أغلق الأصوات وأكتم أنين أمواج الدم
أين ذهب الناس أيتها البلاد؟
أين ذهبت روحي المتعلّقة بك أيتها المدينة كالمشنقة؟
ما من طائر لكٍ على الشجر
ما من نجمة في المساءات التي صحبتني
وما من روح تسري في هوائك المغلق
لا أريد أن أسمع نحيبك حين أفتح كوّة قمرك السجين
أهرب لا تخاطبيني ولا تحسبي أمامي أعداد الشهداء
ستتخبط القصائد ولا تجد كلمات مناسبة في عزائي
أهرب منكِ كل شيء يدلّ عليكِ
شحوب أحجار البيوت وشجر الطرقات
ذبول الشرفات ورسائل المحبّين القديمة
لا منجاة لي أيتها البلاد
طوقني أخطبوب صراخكِ بأذرعه الكثيرة
حتى صار كحل أعين النساء الحزينات
يرسم طريق قلبي إليكِ بالسواد.
أفتتح الصباح على وردة حمراء تتكئ على قلبي بأشواكها
وردة من دم ووردة الجراح والصراخ الضائع الطويل
وردة أصبغ بها روح الكلمات
لعل أحداً يقرأ بلادي بفستانها الأحمر الدامي!
شرطي أو ديناصور أو إله منقرض يشاركني في البكاء
صحفي فاشل أو هيئة أمم غافية في مراحيض العدالة
موسم القمح هذا العام خير على الغربان
وافر من النزيف والدموع والرؤوس المقطوعة
ماذا أقول للأمهات بقلب معطوب لا يحتمل دمعة واحدة؟
لا أريد شيئا من االملائكة والجان ومؤسسات الإغاثة
أعرني أيها الأخطبوط قلباً من قلوبك الفائضة
أريد أن أبكي بقلبكَ الواسع بما أستطيع
حتي يستيقظ الأمل على طرقات الرحيل والأطلال.
ثمّ في الليل ارتجف دم الأرواح على الأرصفة
ثمّ في الصباح اضطربت العصافير في الزقزقة والبكاء
ثم أنادي كل ما فيكِ من روح:
تمرّ الطائرات عليكِ وتمضي
تمرّ المجازر مقتلة تلو مقتلة
تمرّ الطفولة ولا تعثر سوى على أشلاء الأولاد
يمر الله ويغمض عينيه كالعادة من بشاعة الجريمة
يمرّ القتلة وتنتفخ وتحمرّ ألغاد السفّاح من النشوى
يمرّ المغنّي وأغانيه حوصلة طائر مثقوبة ومليئة بالدم
يمرّ العالم المبصر وفي يده عكّاز الأعمى!
وحين لا يستدلّ النشيد عليكِ
ولا يستبدل الدمعة بالغناء يا “دوما”
يغيب عن جسدكِ الرافض إيقاع الحياة
ولا يتجذّر دمكِ في الأرض.
يجب عليك تسجيل الدخول لاضافة تعليق.