وهل نفعلُ شيئاً،
خلال هذا الزحفِ، الطّويلِ، البائسِ، على بُطونِنا فوق شوكِ التّفاصيلِ، إلّا لنلفتَ انتباهَ أحدٍ، أيَّ أحدٍ، إلينَا
أنّنا، هنا، لا نَزالُ، أحياءَ، نتنفّسْ
وبعدَ قليلٍ سنرحلُ
رائحةً أخرى، تَتلاشى في اتّساعِ الهواءْ
والأنوفُ التي لم تشمّنا قبلاً، لن تميّزنَا
…
وكنّا أتينَا إلى الكونِ، مرّةً، من كتابِ رسومٍ متحرّكةٍ، وجدهُ طفلٌ وحيدٌ، في جيبِ جثّةْ
أحبَّ أن يؤنسَ وحدتهُ بنا،
تنّهدَ خيالاتِهِ في الرّسومْ
….
لم نخبر الرّيح شيئاً، حينَ ركضنَا عراةً في حقلِ حنطةْ
كانَ الهواءُ يجمعُ لَفَحاتِ أجسادِنا، أصواتَنا الهاربةْ
يُطلِقُها في حصادِ البكاءِ الأخيرِ
مواويلَ ماءٍ يطوفُ ونَغرقْ
…
– هل تعرفُ الاشتياق؟
– ربّما، ضريرٌ يلاحقُ لونَ الحَرارةِ في رداءِ الفراغْ
– هل تعرفُ أحداً ضريراً ؟
– ربّما، أنّني الآنَ لا أراكِ، انعكاسكِ في بؤبؤِ العينِ، جوعُ الوحيدِ لغيرِ مراياهُ كلَّ صباحْ
– هل تعرفُ العين؟
– من ثقبِ بابٍ، صبيٌّ يراقبُ والدةً تستحمُّ، يشعلُ فيها كلَّ اشتهاءاتِهِ للنّساءْ
– هل زرتَ أمّكَ عمّا قريب؟
– مرضٌ، هيَ، تحتّلُ كلِّ نواةٍ في خَلايا اشتياقي
أهربُ منها كأفعى تنسلُّ من جلدِها دون جدوى
– والخلايا
– حبّاتُ جمرٍ تذوبُ تباعاً، لنزدادَ برداً مع كلِّ لحظةْ
– والبردُ ؟
– فِعلُ وحدةْ، يَصنعهُ ناسكٌ في أقاصَي الشَّمالْ
– والشّمالُ؟
– توقُ الجبالِ إلى الانتِهاءْ
– والجبالُ ؟
– هروبُ المكانِ من الامتدادْ
– والمكانُ؟
– قبرٌ تَسكنهُ جثتّان
– والجثّثُ؟
– منازلُ يهجرُها سَاكِنوها
– والمنازلُ ؟
– “بروفا” فضفاضةٌ لارتداءِ القُبورْ
– والقبرُ؟
– بابٌ يجتمعُ الكلُّ خارجهُ بانتظارِ الدّخولْ
– والدّخولُ ؟
– الخروجُ الوحيدُ بدونِ وداعْ
-والوداعُ؟
– يولدُ مع أوّلِ النّطقِ، يتغذّى وينمو ويصبحُ أوجعَ، مع كلِّ كلمةٍ بيننا، يتمُّ دورتهُ حينَ نَصمتْ
يودِّعنا نحوَ لغوٍ جديدٍ، أنَاسٍ جُددْ
…
لم نسرقْ من الماءِ إلّا حنيناً قديماً، في بركةِ الرّحمِ، للغرقْ
كانت قواربُنا مملؤةً بالضحايَا، نأكلهمْ جثةً تلوَ أخرى
لنُسكتَ شَهوتنا للجريمةِ والانتحارْ
يجب عليك تسجيل الدخول لاضافة تعليق.