لنعترف أن في كل بيتِ من بيوتنا يسكن دكتاتورٌ واحدٌ على الأقل.
ليست مشكلتنا فقط في استبداد السُّلطة السياسيّة وإنما في بنية مجتمعنا الذكوري. إذا لم يتغلب كل واحد فينا على شخصية بشار الأسد داخله، فإن الاستبداد سيظل مستوطناً فينا وفي مجتمعاتنا. لنكن صريحين إذن ولنقر أنه ليس النظام السياسيّ وحده هو من يخاف من الحرية ويعيد قصقصتها على قد مقاييسه الضيقة جداً حدود الاختناق، بل نحن أيضاً.
فعندما يظن “رب” الأسرة أنه ربٌّ فعلاً ويستبد بكل من في البيت، فإن الدكتاتورية ستظل مزدهرة في عالمنا. عندما نقيّد، رجالاً ونساءً، حرية المرأة بعادات لم تعد تصلح لزمن الديناصورات، فإننا سنؤصل قمع الحريات. عندما تظل عيوننا شاخصة تراقب بقلق أدنى تفصيل في جسد أخواتنا أو بناتنا، فإن فروع المخابرات ومؤسسات الرقابة ستظل قائمة في عقولنا. عندما تعفي نفسك بنذالة مثلاً عندما تعشق أختك شخصاً من خارج إطار الطائفة التي وجدتما فيها بالصدفة، بتبرير رفضك لزواجها بالقول أنك تتفهم حبها ولكن المشكلة في سُلطة المجتمع البالية. إنك ما أن تذكِّرها بكل أهوال العقوبة الاجتماعية التي ستنزل بها، فأنت لا تفعل بذلك سوى جلدها بسوط المجتمع الذي يختفي جبنك وراءه.
نعم لقد حولنا نظام البعث عبر خمسين سنة من الحكم ومن خلال مؤسسات الطلائع والشبيبة والخدمة الإلزامية إلى مجرّد فرقة عسكرية تحكمها التراتبية والشخصية المتوحشة والاستبداد. فلنحاول أن نتغلب فعلاً وحقاً على فوبيا التحرُّر ونسقط المُستبد والعسكري ورجل الأمن الذي يسكن كلاً منا…
خلدون النيواني
يجب عليك تسجيل الدخول لاضافة تعليق.