عندما ولدت – واذكر ذلك اليوم جيداً- كانت سماء دمشق تثلج بغزارة غير معهودة – كما هي اليوم في المزة – لدرجة انني اضطررت للذهاب بسيارة عسكرية كبيرة الى المستشفى لعدم توفر سيارة اجرة ، او لعدم توفر اجرتها ربما. لم اعد اذكر جيداً فلم اكن قد ولدت بعد
لكن ما اذكره جيدا انني كم رغبت بالقفز مرتين لاصل الى هذا المخلوق العجيب الذي لم اشاهده في حياتي وانا جنين. ومن غبطتي وفرحي ارسلت في طلب امي لتلدني بسرعة فائقة حتى اتمكن من اللعب بكرات الثلج كما يليق بطفل شقي وهو في بطن امه-كما تعودت ان اسمع من الجميع-..
ولكن ولسوء الحظ وانقطاع الكهرباء عن الحاضنة ومن ثم حاجتي الماسة لدم لم يكن متاح بالطبع بسبب كثرة الطلب عليه باوقات الحروب التحريرية
بالاضافة الى ممرضتي القبيحة التي فضلت الترحم علي مسبقا على معالجتي.. وفشلت كل محاولاتي -وبالحجة والبرهان- لاقناعها انني لا زلت على قيد الحياة .ولم ينقذني سوى مجيء ابي المفاجئ واشهار مسدسه في وجهها-مثلما تفعل العصابات المسلحة اليوم تماما”- عندما رآها تتركني لاموت ..كل هذا للاسف ادى لتاخري 38 سنة كاملة, عن اللعب بكرات الثلج تلك..والاستمتاع بدفء صقيعها…ولكن لا يهم…ها أنا الان اشاهد الالاف من اصدقائي في دمشق يلعبون بالثلج لعبتنا المفضلة
شرطة وحرية