الصفحة الرئيسية / تجريب / تانغو سبعُ جلودْ – في سبيلِ البعثْ

تانغو سبعُ جلودْ – في سبيلِ البعثْ

جمال منصور
 
ليست هذهِ أحلامي
لا،
ليست هذي أغنياتي الصغيرةَ/ولا ورودَ أمي، في تنكاتِ السمنةِ المتقاعدةِ/ولا شوارعي/ولا شمسي الوقحةَ
تلكَ الـ رسمتها أصابعُ “طلائعِ البعثِ”
على جدار الخرابةِ الـ ما زالت واقفةً
تتحدى البناياتِ النظيفةَ
على مدخلِ الشارعِ المؤدي لبيتِ حافظِ الأسدِ
الـ لم يكنْ يوماً يحب
الأغنياتَ
ولا الورودَ
ولا الأحلامْ…
[اليتيمْ—للبعثِ، يا طلائعْ]
كم طابةَ “تانغو” ذاتِ السبعِ جلودٍ
ركلها زميلنا
ابن الضابطِ-الإلهِ إلى السماءِ
لتسقطَ في فناءِ مدرسةِ البناتِ،
الـ كنَ يقهقهنَ بخبثٍ أبلهٍ
على ذكورتنا المخصيةِ، ولعبنا الفاشلِ، في كرةِ القدمِ—
كم سندويشة سجقٍ بالمخللِ الرخوِ
تجشأها في وجه الأساتذةِ،
كم مفتاحاً لبابِ المدرسةِ سرقَ من الأذنةِ-المخبرينَ
كم هرباً، بالهرولةِ، إلى اللا-مكانِ
جربناهُ
من المدرسةِ
منهُ
من حافظِ الأسدِ
لكننا بقينا
كالفئرانِ في قفصٍ—
كالفئرانْ…
[تانغو، سبعْ جلودْ]
لمْ أصدقْ
أن حافظَ الأسدِ قد ماتَ
حتى رأيتُ، بأمِ العينِ
“مروان شيخو”
يبكي/ينهقُ، كحمارٍ فقدَ صاحبهُ، الـ يمتطيهِ/يمصمصُ شفتيهِ/ينفخُ أوداجهُ، الـ تكادُ تنفجرُ من البدانةِ، والرياءِ/يمخطُ
كالأراملِ الكاذباتِ
على شاشةِ التلفزيونِ، على خلفيةٍ زرقاءَ—
ثمَ
رفعتُ رأسي إلى السماءِ
الـ خلتْ من الغيومِ، تماماًكأنما
حتى اللهُ
أرادَ أن يستمتعَ بهذهِ اللحظةِ
ليلقي على الأرواحِ بابتسامةٍ زرقاءَ
صافيةٍ
هازئةٍ
شامتَةٍ
بمنْ ادعى لنفسهِ
الأبَدْ…
[إلى الأبدْ، إلى الأبد، يا حافظَ الأسَدْ!!]
أنا
،ِلم أدخل حزبَ البعث
—ليس بالرضا، على كل حالٍ—
ُلكنه
دخل في تفاصيلِ حياتي كلها
في تلفزيوننا/في مدرستي/في كلماتنا/في تحيةِ الصباحِ الدميمةِ/في برنامجِ الرياضةِ/في مجاريرِ حارتنا المفتوحة على الدنيا، كأمعاءِ الخرفانِ الـ تُذبح على أعتابِ الضيوف، ثم تُهمَلُ للذبابِ والغبارِ، يأكلها
لم أكن يوماً عضواً في البعث،
—ِلكن “عضوهُ” كان فيَ، على الدوام
يعيث خراباً في أحلامي
ومخاوفي من كل ما حولي
ِويلقي ببوله
ِوقيئه
ِومنيه
…في كل تلافيفِ دماغي
ُأعرف
،أن البعث كان جثةً
ِمومياءَ حنطها حافظُ الأسد
ليُحكِم بقبضةِ جلدها المتعفنِ، النتنِ
على أمسنا
ويومنا
وغدنا
،أعرفُ
ُكما أعرف
—َكذلك—
أنني ما زلت، كل ما مررتُ بشرطيٍ
أينما كنتُ في الدنيا
ببلاهةٍ أردد الشعار
“أمةٌ عربيةٌ واحدة”
ثم أبكي
…ْكالأرامل
[“عضو” حزبي]
أظنُ
لا أحدَ كان يعلمُ
أن حافظَ الأسدِ
حين سماها
—”دولةَ المؤسساتِ”
كان يعني
مؤسساتِ الخضارِ
والأمنَ
…فحسبْ
[دولةُ مؤسساتْ]
أكادُ أراهنُ
أن جهنم الآنَ تمتلئُ حتى الطفحِ
بأفرعِ حزبِ البعثِ/والمسيراتِ/وأساتذةِ “التربيةِ القوميةِ الاشتراكيةِ”/وصورِ “القائد الخالدِ”
الـ لا بد انقلب
على عرش الإلهِ
—بحسب العادةِ—
وطردَ الملائكةَ
وأوقف على بابِ السماءِ
رجالاً اشداءَ
مفتولي العضلاتِ والحقدِ
لا يخافونَ
…اللهْ
[جهنمْ—إلى الأبدْ]
من أي سوادٍ بالضبط
—يا إله الثكالى المزمناتِ—
تصنع روحاً كروحِ حافظِ الأسدِ
أو حزباً كالبعثِ
أو دماغاً كدماغ شريف شحادة
أو ضميراً كضمير البوطي؟؟
[MECANO]
لأجلِ الوحدةِ
والحريةِ
والاشتراكيةِ
سنبقى
نلعقُ
أطراف الأرصفةِ/سلاتِ الزبالةِ/الواجهاتِ الـ لا تطالها أيدينا/نشراتِ الأخبارِ
في بحثنا المحمومِ عما يشبهُ
شمس بلادنا—
ألا
هل تبت يدا أبي لهبٍ
وتب!!!
[في سبيلِ البعثْ] …

للبعثِ،     يا طلائعْ    سبعْ جلودْ

 

عن جمال منصور

جمال منصور
شاعر سوري مقيم بكندا. مختص بالعلوم السياسية في جامعة كونكورديا