تكتبها نجاة عبد الصمد
خاص بدحنون
–
فاطمة تشكو من النزوح…
وتشكو فاطمة ….
فاطمة التي ذوَتْ عيناها حين تضاحكتْ ليراتها في جيوب أطباء درعا ثمّ دمشق.
وعدوها بجنين سمين ملفوف بكيس هدايا أنيق، وأخلفوا.
ونامت وأفاقت تندب مشاريع أطفال الأنابيب الفاشلة في دهاليز المشافي.
فاطمة التي كفرتْ بطبّهم وحجّتْ حافية، تحمل النذور إلى مقامات الأولياء الصالحين؟ّ
بعدها زحفت على درجات بيت الداية العربية؟!
سنواتٌ ستٌ، ولم يزهر رحمها. وهمدتِ في حزنها، حتى أن لم تكترث لهطل القذائف على بيوت ضيعتها.
انتشلها زوجها من بطن الأنقاض، و ظلّ يركض بها حتى آواها في خيمة سوداء في معسكر، في مدينةٍ لم تبهجْها غزلانُ أمانِها!
وباتتْ فيها ليلةً أولى فاضحةَ الخوف؛ لم يُسكِت عويلَها سوى آهات لذّتها على مطالع فجرها!
وفي الغد لحق بها أهلها و أهل زوجها، و صاروا ضيعةً في خيمة، قبيلةً في معسكر، لها في الخيمة ما لهم، وعليها ما عليهم؛ باستثناء يوم العسل السابق لمجيئهم، يوم حبها الأسطوريّ الذي تأخر ستّ سنين، وجاء مرّة واحدة، وقد لا يعود!
وفي آخر الشهر تأخّر ميعادها، وفي الشهر التالي نبض الجنين الذي في رحمها على شاشة الإيكو، فزغردتِ كمجنونة جوعانةٍ ظفرت برغيف!
كان على غولِ الخوف أن يساكنها في الخيمة السوداء… لتقهر رعبها من جيرته بليلة حب مثمرة.
كان يلزمها أن تعرف أنّ الأجنة السورية الجديدة لم تعد ترتشي بشهادة استثمار في بنكٍ حكوميٍّ .
أن تفهم أنّ الأجنّة السورية الجديدة يلزمها ال( أكشن)!
يلزمها الفكاك من أسر مواعيد حملٍ يمليها طبيبٌ لا يُنصت قلبه لمواعيد الحب…
يلزمها أن تتخلّق على أرض سياحةٍ قسريّة لا تُفتدى بالمال، ولا بالنذور، ولا بتخاريف الدايات…
أن تُبعَث فيها الروح في المدائن الغريبة،
في مآوي، فوضاها أقلُّ ضجرا من البيوت الراكدة!
تلزمها حكايةٌ مدهشةٌ عن كل هذا الانعتاق …
حكايةٌ تخبل بها ألباب أقرانها غدا في روضة الأطفال السعيدة في الوطن الجديد!
وتشكو فاطمة من النزوح …
٢٠١٢/٩/٣٠
يجب عليك تسجيل الدخول لاضافة تعليق.