الصفحة الرئيسية / زوايا / بالزاوية - فادي عزام / زنى محارم أو سلالة قرود – البشر في خطر

زنى محارم أو سلالة قرود – البشر في خطر

بالزاوية
لفادي عزام
خاص بدحنون

 

نحن، الجنس البشري، ننحدر من سلالة أبينا آدم وأمنا إيفا المعروفة بحواء، وأولادهم الذين تزوجوا أخوة وأخوات، في أكبر عملية زنى محارم، حسب كل الشرائع السماوية.

هذه الحكاية، التي تجمع كل الديانات التوحيدية على تبنيها، تؤكد، على ما يبدو، أن زنى المحارم هو الجامع بين سكان الأرض، وأجدادهم الأوائل لم يكن لديهم أي خيار، فإمّا الاستمرار في الحياة، بعد الطرد المذل من الجنة، أو القبول بإنشاء جنس من لدن الخطيئة.

من الواضح أنهم اختاروا الخيار الثاني، واستمرت سلالتهم إلى يومنا هذا، وفاق تعداد نسلهم من الأحياء اليوم الستة مليارات كائن.

هناك نظرية أقل سِفاحاً تقول إن فقدان أولاد عمومتنا القرود لكروموزوم، نتيجة طفرة نشوء أو ارتقاء، كما يقول السيد داروين أو جشع وأنانية الجين، كما يقول ريتشارد داوكنز، إلى ولادتنا بشراً بثلاثة وعشرين كروموزوم، أي أقل بكروموزوم واحد عن القرود. فامتلكنا خواص جديدة، وفقدنا أخرى وجعلت منا مسوخاً في أعين القردة الذين ينظرون إلينا بتقزز وقرف من بشاعة أشكالنا، فنحن كائنات بليدة ترتدي أشياء غريبة ولا تستطيع الشقلبة ولا تسلق الأشجار إلا بشق النفس، وأيضاً نمشي على اثنتين و منتصبي القامة أيضا، ميزة أو عاهة لا يتمتع بها أي كائن من شركائنا على كوكب الأرض، نتيجة فقداننا الكروموزوم السالف الذكر. إذاً الانتصاب خاصية فريدة لدينا وهي الأبشع والأخطر أيضا، مدتنا بها الطبيعة. نتذكر هنا مغن قديم يبدو اليوم، قديما جدا، لم يُسمع صوته منذ زمن، زمن يبدو بعيداً جداً يدعى مرسيل خليفة، كان يُبح صوته وهو يغني – منتصب القامة أمشي، مرفوع الهامة أمشي- أغنية تلخص التمايز الذي خصتنا به الطبيعة تماماً.

طبيعي أن أبناء عمومتنا، لا يحسدونا أبدا، فنحن منذ هجرنا الغابة، لا نستطيع العيش يوما واحدا دون أداة ما تساعدنا على الاستمرار. ثياب ووسائل ركوب وأدوات حماية ولقاحات…

بينما القرود يرفلون بسعادة لا تضاهى، فهم يعيشون في غابة تؤمن لهم اللعب والزعيق دون الخوف من إزعاج الجيران والتأرجح، وممارسة التشمس وأكل الموز والاسترخاء المجاني ولا يقرضون الشعر، تلك الخصية الرذيلة في جنسنا المعطوب.

لا يهم أبدا من أية كارثة جئنا، المهم نحن الآن هنا، بشر نملك كل خواص حيوانات الغابة السافانا وليس القرود فقط كالافتراس والتوحش والمكر والتخفي والعيش على الرمة، والهرب من مفترس أخر، ولكن مع فارق بسيط، أننا نخل بتوازن كل شيء من حولنا.

من هنا بتنا نعرف الفرق الجوهري بين فعل الانتصاب الأساسي في الحياة البشرية، وبين السجود والانبطاح والركوع ولعق مواطئ الأحذية. هذا الفرق الحقيقي لا يحتاج إلى قرود في السياسة، ولا إلى سِفاح في الدين أو إضاعة الوقت من أين جئنا وإلى أين سنذهب بعد انتهاء كل شيء.
إنما يحتاج إلى بعض من العقل، والكثير من الكرامة المشتقة من كرم الطبيعة نفسها لا غير.

 

.

عن دحنون

دحنون
منصة تشاركية تعنى بالكتابة والفنون البصرية والناس.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.