كالنمر الجريح يصرخ الكثير من السنة بألم يشوبه الغضب في وجه كل منتقد أو مطالب من خارج طائفتهم لإيمانهم العميق بأحقيتهم في كل شيء لا بل وبشكل حصري.
لا أحد بإمكانه إنكار كمية التضحيات التي قدمها عدد كبير منهم بشكل خاص وغير مسبوق .. حمل السلاح ومواجهة عدو أمام خيارين الاعتقال أو الموت مع تفضيل الاحتمال الثاني أمام قساوة الأول، ناهيك عن النزوح وهدم البيوت واغتصاب النساء.
في ظل كل هذا الألم لم تبدو للثوار المقاتلين مشاركة باقي الطوائف كافية؛ فنظراً لضغط النظام الخانق عليهم عن طريق اللجان الشعبية المسلحة وحملات الاعتقالات التعسفية، اضطر هؤلاء للعمل في الخفاء واقتصرت مشاركاتهم على الأنشطة السلمية التي فضلوها على حمل السلاح ليجنبوا المدنيين شلال الدم الذي نراه اليوم. ومع ذلك لم تصل هذه المشاركات إلى الحد الأدنى المطلوب بالنسبة للمقاتلين الذين حملوا سلاحهم على كف وأرواحهم على الكف الآخر.
لكن ما فاتهم في الحقيقة أن معظم فرق الدعم والإغاثة تدار من قبل عدد ليس بقليل من باقي الطوائف داخل وخارج سوريا في الوقت الذي يبدي بعض السنة من التجار وأصحاب النفوذ دعماً منقطع النظير للنظام.
بين المطالبة بدولة إسلامية والحلم بدولة علمانية، بين جدوى الكفاح السلمي وتداعيات الكفاح المسلح، بين الشريعة كمصدر للتشريع والمدنية كأساس للحكم، لم يتوقف النظام يوماً عن ارتكاب الفظاعات والمجازر، بل ويتمادى بوحشيته التي لم تترك حرمة لشيء.
وفي زحمة المناشدات التي يطلقها السوريون إلى الله والدول الغربية ومجلس الأمن، لا بد من الوقوف للحظة والتفكير كيف لنا أن نساعد أنفسنا في الدرجة الأولى ؟
ينبغي أول الأمر على جميع السوريين وكل من مكانه طرح بعض الأسئلة على الذات علها تخفف حدة الخسائر وتوحد الصف فنجد مخرجاً بأنفسنا:
– لم الخلاف على سلطة لم يفرغ مكانها بعد؟
– لمصلحة من يصب هذا التفرق والتشتتث لنبتعد عن الهدف الأساسي وهو إسقاط النظام؟
– لم إفراغ غضب السنة على باقي الطوائف؟ قد تكون الحجة أنهم لم يضحوا لكن ألا يوجد هناك ملايين من السنة لم يضحوا أيضاً؟ بل ومستمرين بالتأييد؟؟
– ألا يعد هذا التحجر ورفض الآخر وتكفيره بل ومحاكمته انطلاقاً من طائفته حاجز خوف دفع هذه الطوائف لعدم الانخراط بين صفوف الجيش الحر؟ أو حتى دعم الثورة تحسباً لما نراه اليوم؟
فخ لا بد من الوقوع فيه في ظل إصرار النظام على اللعب على الوتر الطائفي بمكر يصعب تمييزه أحياناً وبوضوح تام أحياناً أخرى، وبغض النظر عن الأسلوب فها هو قد وصل إلى مراده بشكل يفوق حتى توقعاته،
هي فرصة قد تكون الأخيرة أمام الشعب السوري الثائر قبل أن يحترق في حرب طائفية لتقدم للنظام على طبق من ذهب أكبر أحلامه: هل سيقف مرة أخرى لينفض عنه هذا الغبار ويستعيد قوته بتوحد صفوفه والابتعاد عن الطائفية والعودة إلى “الشعب السوري واحد” أم انه سيبقى رهين أفخاخ النظام القذرة طويلاً ملوثاً بغبار حقد طائفي يغذيه النظام بكرم منقطع النظير؟!
.
.
“عذراً لم أتنجب ذكر الطوائف … إذ لا مكان للطوباوية في هذا الموقف الحرج “
آه يا وطن …………..