إلى الدكتورة سلوى: تحية إليك أينما كنتِ، فهاتفكِ لا يجيب منذ مدّة…
كنا في ندوة طبيّة في حلب منذ حوالي خمس سنوات.
عنوان الندوة: “الإجهاض ما بين الشرع والعلم والمجتمع”. موضوع ساخن شقّ أبواب الصراع حول الشرعٍ الصريحٍ في تحريم الإجهاض، والواقع الاجتماعيّ الذي تجاوزت مرارته القوالب الجاهزة.
في بلدنا حتى اليوم لم تنهض تشريعاتٌ معاصرةٌ بهذا الشأن. فقانوننا ـ لمن لا يعلم ـ ينصّ على دخول الطبيب إلى السجن لو قام بإجهاض الحمل غير المرغوب به أو حتى لو وصف موانع الحمل ضمن المؤسسة الزوجية، فضلا عن حالات الحمل خارج هذه المؤسسة.
في الكواليس تسرّبت منشوراتٌ استغلّ حُماة الدين الندوة لتوزيعها.
في المنشورات تخويفٌ من عذاب جهنم للكافرين الذين يئدون روح المضغة قبل ولادتها، وتخويفٌ من الاختلاط بين الجنسين، ومن هجر الدين إلى الدنيا كسبب رئيس للحمل السفاح. بهذا لخصّوا مشكلاتنا المعاصرة في هذا الشأن.
انتهت الندوة إلى خلافات شرعية صاخبة. انزوى العلم عاجزاً عن مجاراة الشرع في تلك القاعة.فأنصار الثاني أكثر بكثير.
وقفت الدكتورة سلوى (وهي تعلم ما قد ينتظرها) لتقول: لا. المشكلة أبعد من هذه الرؤية القاصرة. نحتاج أمرين: توعية الجميع رجالاً ونساءً، وتحديث القوانين.
ذكرت حادثة البنت الريفية التي جاءتها لعلّها تهديها إلى حلٍّ غير الانتحار. كانت حاملا. والد الجنين: أخوها. يغتصبها في غياب الأهل ولا تجرؤ على الشكوى. يغتصبها بحذر بحيث لم تفقد عذريتها. لها خطيبٌ ما يزال يتقدم لخطبتها ويرفضه أهلها الأغنياء المتدينون لأنه فقير. هذا الفقير لم يخذلها حين لم تجد غيره لتشكو ما بها. قرر الوقوف إلى جانبها وأتى بها إلى الطبيبة.
نصتت القاعة كلها وبادر طبيبٌ إلى سؤالها باستهزاء: إي،،، وشو عملتِ؟!
أجابته بعد أن حدّقت في وجهه طويلا:
ـ لقد أنهيتُ مداخلتي. كنتُ أطرح فقط واحدةً من آلاف المشكلات التي نواجهها أنا وأنت يا زميلي. كلنا نواجهها كل يوم.
لكنني سأُرضي فضولك تماما. لقد خرجتُ على الشرع والقانون، وساعدتها بما يرضي ضميري الإنسانيّ والنسويّ…
2/4/2013
……… الصورة:Flickr user – Antonio merini
يجب عليك تسجيل الدخول لاضافة تعليق.