اعترافات لائقة وغير لائقة – ٢

هديل ممدوح
خاص بدحنون

 

أودُّ أنا الجالسةُ هنا، بكاملِ بهاءِ لحظاتي المدعوكة بأخطاء التاريخ الفردية والثورية والفكرية، أن أُطيلَ النّظرَ في وجهِ تلك الأمّ وهي تقرأ مقالةً بعنوان (أحد مفجّري الثورة السوريّة)، ويحدُثُ أن أزدادَ عنفواناً!.

أودّ أنا “أيضاً” الجالسةُ هنا، في المكتبِ البارِد جدّاً بسببِ مهارة مهندسي التكييف والتبريد، أن أفتحَ عينيّ على اتّساعهما، وأُبحلِق في وجهِ شخصيّة الأسبوع الآثم، وأوقنُ أنّه لم يتلمّظ ولم يمسح شدقيهِ بعدَ وجبتهِ الدّسمة من قلبِ عدوّه، فيحدُثُ أن أقتنِعَ بلا أيّ سبب آخر وأضمّ هذا الشريط إلى المشاهدِ المفبركة!

يحدُثُ أن أرى مسنّاً جاثياً هكذا بلا أيّ تفاصيلَ أُخرى، تحتَ أقدامِ جنود الوطن البواسل، وأودّ أن أقرصَ كتفَهُ وأوقظه من كابوسه، ثمّ ألتفتُ إلى كبدِ الجندي _ما غيرو _
يحدُثُ أن تجلِس على كنبتِك المتواضِعة، تعدّ تقريرك الاعتياديّ للمجلّةِ الثوريّة الشهيرة، وهناكَ في الشّام، صبيّة بسمرةِ الفجر، تدعوكَ أن تنتظرهاتستيقِظُ من منامها، وقد أضاعت زهرةً من جسدِها، حسناً لا بدّ أنّها فرطت بين أصابعك!

“هاي الثورة للأبطال روح ضبّ بواريدك البطولة بالقْصير –
نحنا منّا عبيدك”
هكذا تقولُ كفرنبِل، وأنا أصدّقُ كلّ ما تقولُه هذه الساحرة، هيَ أكثر من تذكّر “القْصير”، فنحنُ مازلنا مشغولون بإقناعِ التيّار الأول، والثاني والثالث بأنّ العربة العسكرية الإسرائيليّة “المهرهرة” إنّما جاءت مع عناصرِ الحزب البغيض، نحنُ لازلنا نتعاملُ مع القصير، كإهداءٍ حميمٍ على كتابٍ رخيص!! يا هؤلاء، يكفي أن تدقّقوا في وجه وزيّ الشاب الّذي يخبرنا بآخر أخبار الموت من هناك، لتعرفوا من رأسِه العاري حتّى من خوذةٍ تقيهِ رصاص غيّهم، لتعرفوا أنّنا ماركة سوريّة.

وأعترف، أنا الغارقة بسوريّتي، أنّني وددتُ أن أوصي الكتائب الحرة، والكتائب الرّاكبة على الكتائب الحرة، والكتائب المتسلّقة، وكلّ من حملَ السّلاح وتشدّق بالوطنيّة، وزاود في الثأر والحسمِ والملاحم، وددتُ أن أوصيهم جميعاً، أن يترفّقوا بالفرعِ الأمنيّ حيثُ قضيتُ لياليّ الليلاء، وأن يتوقّفوا عن إمطارِه بالقذائف!

أريدُ أن أرى عينيّ ذاك المحقق اللئيم!

 

 

الصورة: يوسف عبدلكي

 

عن هديل ممدوح

هديل ممدوح
مدوِّنة ومترجمة إلى اللغة الإنكليزية

2 تعليقان

  1. لم تعد اللياقة لشعب يضرب بالسكود ليخترق صدور أطفاله, تعني له شيئاً…في هذه الحالة اللياقة, كمن يساير طاغيته بالتصفيق …

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.