سيرة الحب

هديل ممدوح:: لماذا يبدو أنّنا أقل محبة كلّما صار هذا العالم أكثر تقدّماً، بل لماذا كانوا قادرين على المحبة وتكريسها، ونشرها وممارستها أكثر مما نقدر الآن؟

هديل ممدوح:: لماذا يبدو أنّنا أقل محبة كلّما صار هذا العالم أكثر تقدّماً، بل لماذا كانوا قادرين على المحبة وتكريسها، ونشرها وممارستها أكثر مما نقدر الآن؟

هديل ممدوح:: لا أحد يحبّك يا محمّد خليل، حتّى أن أبناء بلدك لم يتعاطفوا معك! أنت في صفّ القاتل الآن..

هديل ممدوح نعم لديّ أخوات وأخوة، وعائلةٌ كاملة لم ينزل فوق رؤوسهم سقف، ولم تنل منهم ولو حصاةٌ واحدة! هذا الصباح كهذه السنة، طويلٌ طويل، هجرتهُ البراعمُ والنواعمُ والأنفاس، وفرغت الرئتين من محتواهما، وسارَ تحت الجلدِ أسرابٌ من النمل…

هديل ممدوح بالأمسِ فقط شعرتُ أنّني لازلتُ على قيدِ الحياة، وأنّ رأسي الّذي ينفصلُ عن جسدي مع كلّ نحرةِ سكّين وشحذِ سيفٍ وأخذٍ بالثأر، لازالَ مكانهُ! نفقّدتُ البارحة جميع أعضائي الّتي خسرتها، فوجدتُها في مكانها، ما من أصابعَ مبتورة…

هديل ممدوح أيها الله، الربّ الرّحيم، الأنيق الّذي أتخيّله دائماً بربطة عنقٍ وصدريّةٍ مثلَ ملكٍ فرنسيٍّ قديم. أيها الرب، أستمتعُ دائماً بقراءةِ رسائل موجّهة إليك، كتبها مجموعةٌ من الأطفال في مكانٍ ما، وفي زمنٍ ما، ولسبب ما! كنتُ أغارُ…

هديل ممدوح شيرو، يحيى، ووردية تبدأ في السابعة صباحاً، كنتُ أودّ أن أقولها بلا أيّ مؤثّراتٍ خارجيّة، هكذا، بلا أيّ طارئٍ خارجٍ عن قوانين الطبيعة، لكنّ هذه العبارة “مواليد ألفين” ملأت القلب بالماء، والجسد بالهواء الملوّث، والحنجرة بخيوطٍ من…

اجرت الحوار هديل ممدوح خاص بدحنون “نحنا هون انسرق الحلم منا!” هكذا استهل رودي* الحديث أمس، كنا كلانا مخنوقين تماما، غيرة وفرحا لمصر وبها! نستذكر قليلا مظاهراتنا، الطيارة، المسائية، برصاص بلا رصاص، بغاز مسيل للدموع أو بهراوات الشبيحة،…

هديل ممدوح يا سكّان الابتسامات، يقولون أنّ حمص على حافّة السقوط! وأنا أحمل ضحكتها الّتي سرقتها منك ولا أريد أن أصدّق. أتخيّلُ أني أعرفُها حكراً ووكراً، وأعرفُ أقاصيصها وحكاياتها، ثمّ أزورُ حاراتها على “غوغل إيرث”! وأدمجُ الخريطة كيفما اتّفق،…

هديل ممدوح خاص بدحنون أريدُ أن أكاتِبهم جميعاً، هؤلاء المحشورونَ عنوةً في هذا الشريطِ الأزرق، تختصرُهم وتثمّنهم عبارةٌ تدحشُ معظمَ أسمائهم في أنفي، ليكونوا قائمة الأصدقاء! سأعترفُ لهم، وبكلّ فجاجةٍ ونرجسية، ورغبةٍ لا تخلو من ساديّةٍ لذيذة، أنّي أودّ…

هديل ممدوح خاص بدحنون أودُّ أنا الجالسةُ هنا، بكاملِ بهاءِ لحظاتي المدعوكة بأخطاء التاريخ الفردية والثورية والفكرية، أن أُطيلَ النّظرَ في وجهِ تلك الأمّ وهي تقرأ مقالةً بعنوان (أحد مفجّري الثورة السوريّة)، ويحدُثُ أن أزدادَ عنفواناً!. أودّ أنا “أيضاً”…

هديل ممدوح خاص بدحنون يبدو أنّ الجرعةَ اليوميّة من المسكّنات لم تعد كافية، ولن تفي أدويةُ ضبط الأعصاب بالغرض الّذي اخترعت من أجله، فقط حين ينتظرُ السوريّونَ موتهم اليوميّ، اللامعقول! على الأرصفة الخشبيّة الّتي تمّ إعدادها على عجل، كلّ…

هديل ممدوح خاص بدحنون هكذا، حربٌ مرّةٌ واحدة! دونَ مرورٍ بالنمرِ الورديّ، أو قرع باب السيّد توم سوير! دون أن نغني متعانقين، حياتنا..مسرّةٌ حربٌ دفعةٌ واحدة! أحياء تشطب عن الخارطة، دون أن نحصلَ على ترفِ صورةٍ تذكاريّةٍ فيها.. مصطلحاتٌ…

هديل ممدوح خاص بدحنون . أحاوِلُ أن أمنعَ نفسي ما استطعت من أن أنزلَ إلى الشّارع، أيّ شارع، وأرقصَ جنوناً، أحاولُ أن أقنِعَ نفسي أنّي لازلتُ أحملُ في رأسي تلك العناصرِ الّتي يذكرونها في كتاب العلومِ والتشريحِ الّذي درسناهُ في…

هديل ممدوح خاص بدحنون وأريدُ حائطاً للبكاء، وحائطاً لتلملِم أمّي صورَ اليتامى وتضعهم عليه، أريد حائطاً لرسائل العشق الملوّنة، للأدلّة الساحقة الّتي تقول أنّنا كنا على قيد الرقص. حائطاً لأسماءِ المنكوبين والمكلومين، المنكرين، المحرومين والمحروقين، الجائعين، الراقصين، الهاتفين، العازفين…

هديل ممدوح الساكن في الموت، يتكئ على ذاكرته ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، بعد أن يكون قد لملم شظايا القذائف من باب بيته، فيضيف هواية جديدة على جمع الطوابع والأنتيكا، يركّب الصور بشكلٍ أجمل، سيتراجع عن صفع ابنه حين…

هديل ممدوح يقفزونَ فوق جفوني.. يرقصونَ .. و يبعثرونَ ألف سماءٍ منتصبةٍ فوق رموشي.. لا أدركُ الوجوهَ جميعها ، أحاولُ ان أصافحَهم.. فتفرُّ أصابعي تائهةً خلف جدرانِ الخطيئةِ و الموت.. أستطيعُ أن أشمَّ رائحتهم.. لا داعي لأتعرّف على الجثة..…

نحن هنا.. نقرأ صدفةً خبر الاغتصاب، نصمّ آذاننا عن آهات الجسد المحترق المنهوش الرغبة، ونقلب الصفحة لنجد آذاناً مقطوعة، وأنوفاً أضاعت وجوهها، أو وجوهاً أضاعت أنوفها - لم يعد هناك فرق - فئرانٌ تسرح بين الدم و الحديد و الجثث المتفحّمة المعالم.. بقايا شَعر، وخلخالٌ لا زال يتمسّك بالكاحل الأنيق..
نقلب الصفحة..

أشمشم رائحته المنتشرة في المكان، يحتفظ هنا بهدية عيد الحب الفائت ، لوحة خشبية و كلمات حب محفورة فوقها كما رائحته في روحي، هنا رشقني بالمياه ذات صباح وأنا أعد له القهوة ليذهب إلى ثانويته، متظاهراً أنه يسقي الزريعة الموجودة خلفي _ اطمئن يا حبيبي فالزريعة مروية بدمك الآن فلا تخشى ذبولها أيها الأخضر_ وهنا بالضبط هنا، اعتاد خلع حذائه مدعياً العجَلة ولم تنفع معه التهديدات مطلقاً.

هديل ممدوح كنت ألهو في فناء بيتنا الصغير و أعفّر أختي الصغرى بالتّراب مستغلّةً غياب والديّ اللذين اصطحبا أخوتي الصغار إلى بيروت احتفالاً بنهاية العام الدراسي، قلبنا حجارة السّور المتهدّمة و أعدنا بناءها عشرات المرّات وقتها كانت ترتدي تلك الكنزة…
إنه تماماً نفس الوقت.. هناك فرق بسيط فقط أن عددهم الآن يقارب ثلاثة عشر ألفاً. في مثل هذه الساعة منذ عام، كان أنس الشغري يحمل مكنسته وأكياس القمامة وينظف شوارع بانياس منتهياً من مظاهرة معلناً استعداده لأخرى، أنس قال يومها…
هديل ممدوح:: أحاول استحضار ذلك الفرح، أبتلع المرار العالق في جوف حلقي، أشق ابتسامة من عمق الضباب المتراكم حول فمي.. وتحضرني دمشق في أبهى أيام ثورتها