KAKISTOCRACY

جمال منصور

 

بالزمانات*،
بنهايات عهد الأب الحاقد، حافظ الأسد
بيقيل الأفندي أطول رئاسة وزارة بتاريخ سوريا المعاصر
—حكومة محمود الزعبي، المنتحَر، من بعد هالقصة بشوي—
وبيعين محمد مصطفى ميرو رئيس وزارة، ليسهِل استلام إبنو بشار السلطة
من الناحية الشكلية
لإنو كان عرفان إنو هو أجت آخرتو، أخيراً.

هلق صحيح الوزارة بسوريا شكلية بالمطلق،
بس، من الناحية الشكلية والرسمية ع الأقل،
بيبقى هالمنصب إلو وزن.

بس
ع أي أساس تعين ميرو رئيس وزارة؟؟
وكيف؟؟
وليش هو؟؟


محمد مصطفى ميرو
كان “بعثي” مثالي من صناعة مرحلة حافظ الأسد.

بلش حياتو مدرِس مرحلة إعدادية، بالتل
بعدين كمَل دراستو ع حساب الدولة، بمنحة حزبية
وأخد دكتوراه بالأدب العربي
من جامعة يريفان، بأرمينيا
—ومعروفة أرمينيا قديش قوية بالأدب العربي، تحديداً!!—

وبعدين
استلم محافظ بدرعا، وبعدها الحسكة
وكان مشهور بفسادو، وطولة إيدو ولسانو، وقلة أمانتو
والأهم—تمسيح الجوخ ولحس بواط ضباط الأمن.

وبعدها، سلمو حافظ الأسد محافظة حلب، بسنة الـ ١٩٩٣
يللي بقي فيها لسنة الـ ٢٠٠٠، يوم استلم رئاسة الوزارة.


ولما استلم حلب،
أظهر ميرو مواهبو كلها—كلها
بالنهب/والسلب/والتشليح/وقبض الرشاوي/وفرض الأتاوات/ومخالفات البناء والموافقات الملغومة
إلى آخر بضاعة الفساد إياها
—ومن ضمنها سرقات عملاقة بتعمير القصر البلدي، يللي بقي ٣٠ سنة لحديت ما خلص بناءو!!—
بس
بالأخير طلعِت ريحتو لدرجة ما عاد حدا قادر يغطيه
وبلشت العالم تشتكيه للشام، ووصلِت مواصيلو لعند حافظ الأسد.
وبييجيه خبر مؤكد، إنو غضب الله لح ينزل عليه
وإنو يروح يقعد ببيتو، ويستنى مصيرو.

وفجأة، بعد تلات أربع تيام،
بييجيه تلفون بينطلَب فيه ع الشام
ع القصر
لعند حافظ الأسد

بس فات لعند حافظ الأسد، وهو عرَقو عم يزرب من قفاه من الرعبة
كان هداك قاعد قفا مكتبو، وعم يقرا بوراق، ع أساس.
سلَم عليه “احترامي، سيدي”
بيقوم هداك ما بيتطلع فيه، وبيأشرلو بطرف إصبعتو ع طاولة صغيرة بالسوكة
محطوط عليها ملف منفوخ مليان وراق—ملف قد صندوق كازوز، محشَى وراق، للطفِة.
بيقللو “امسِك هالملف، وروح إقراه—وبعد ساعتين، بترجع لعندي.”
&nbsp
بيروح ميرو، ومعو هالملف
بيقعد بغرفة جانبية، بالقصر، وبيبلش يفتح بهالوراق
وإذ
بيلاقي كل سرقاتو—من وقتٍ كان مدرِس إعدادي بالتل، لحديت ما صار محافظ بحلب
كل سرقاتو
كل سرقاتو
بالفرنك، والليرة
بالتفصيل، والوثائق، والأدلة
محفوظة بهالملف.
بيقوم بيفتل راسو، وبيعرف إنو خلص—نهايتو اليوم، ونهايتو وِخمة، حتماً.

بيخلص قراية بهالملف، وبيرجع لعند حافظ الأسد عم يقصف رعبة أكتر من أول ما فات
“احترامي، سيدي”
“شو، قريت الملف؟؟”
“نعم، سيدي—مو كل شي… بس قريت، سيدي”
“يللي قريتهون بيكفوا. روح ع بيتك هلق.”
“أمرك، سيدي…”

وبنفس الليلة، بعد نص ساعة من هاللقاء، بيطلع قرار تعيينو رئيس وزارة.


نيكولو ماكيافيللي قال:
“إذا أردتَ أن تحكم الرجال، أفسِدهم.”

وحافظ الأسد،
ما استند بحكمو إلا
ع أسوأ أنواع الفاسدين/والإمعات/وأنصاف الأميين/والديوثين/والعرصات/والمشلحين/وكلاب الليل/والمهربين/واللصوص
ليتحكموا بالبلد، من تحت إيدو
وهو كامشهون، بسلطة الفساد
وسيف الخوف، وملفاتهون بين إيديه، وقتٍ بدو يطالعها، بيطالعها.

فيه إسم لهيك سلطة، بالمناسبة:
Kakistocracy

وهاي كلمة مألفة من قسمين:
Kakistos
يللي بالإغريقي بتعني “أسوأ، أحَط، أسفل، براز”

cracy
يللي بتعني “حكم، سلطة.”

يعني—بالعربي الفصيح: سُلطة الأسوأ
سُلطة الأحَط
سلُطة الأسفل
سُلطة البراز
أو بالعربي الأفصح: حكم الخروات.

تفِه.
تفِه.
تفِه.

 

 

……………..
* منقولة عن صديق يعرف القصة بصورة مباشرة ويرغب بعدم ذكر اسمه (بتصرف)

عن جمال منصور

جمال منصور
شاعر سوري مقيم بكندا. مختص بالعلوم السياسية في جامعة كونكورديا