كان الوقت مساءً وجميع الأضواء مطفأة. ألمح خيالها القادم من شق باب الصالون الفاصل لغرف النوم، والذي يُفتح إلى الداخل بإتجاه الممر. تتحدث مع أحدهم على الهاتف وبصوتٍ عالٍ تهدد:
– إذا ما رجع أحمد ع البيت بكرا وشافوه الاولاد، أنا رايحة على كل الجرايد يلي بتعرفه ووسائل الإعلام يلي كان يتعامل معها، ومتهمتكن إنو خطفتوه.
لا أعلم أين اختفى إخوتي!
على الأرض جالسة، منكمشة على ذاتي.
لم أعد أراها… إنه فقط ذلك الوميض الذي يقفز فجأة من مكانٍ إلى آخر، هي سيجارتها. حافيةَ تمشي، تقطع غرفة الجلوس بتوتر.
صمت مطبق، لا يكاد يُسمع غير صوت شهيق سيجارتها.
كيف يمكن للبشر أن يَختفوا فجأة ويَضحوا أشباحاً !؟
وين بابا، مانو راجع؟
– ما بنعرف
سافر يعني؟
– بلا كتر أسئلة..
رايحة أكتب وظايفي
– بيكون أحسن
عامٌ كاملٌ انقضى وأنا بحَيرة من أمري بماذا أُخبر السائل عن غياب أبي. لم يكن هناك من وقت لشرح مواقف الحياة من البشر، هي ماضية سريعة وعلينا اللحاق بها.
لم تكن تكفيني نشاطاتي الرياضية المضافة لوظائفي المدرسية اليومية. فقد كانت لدي مهمة أساسية علّي مزاولتها كل يوم … إنتظار عودته، ليروي لي حكاية ما قبل النوم من ألف ليلة وليلة.
مضت تلك الألف ليلة لألتقيه أخيراً في غرفة باردة مع عسكري يحرس كلماتنا، فأروي له قصتي بخمس دقائق.
الصورة: جلنار حاجو ©
يجب عليك تسجيل الدخول لاضافة تعليق.