ادوارد مونش، دحنون

تواطؤ

جفرا سيف الدين
 

 

1-
تواطؤ غريب… على ألا نقول… نتحدث عن الطقس البارد في هذه البلاد الغريبة ونترك، شؤون القلب… شكوى غائمة في زوايا الغرفة… أميل اليك لتربت على كتفي فقط وأتجنب النظر في عينيك… كلانا يعلم الكثير عن الخذلان واللامعنى.. لا داعي لكلمات مالحة تحول كل منا الى مهرج… كلانا يعلم… نتناول عشاءنا بصمت.. كل يقيس المسافة بين النفس والأخر… أفكر.. لو أن يدك تلمس يدي لتراجعت تلك الأشباح، لمضى الأحبة القدامى الى شأنهم، وتركونا نلملم ما تبقى من أرواحنا.. لنسينا كل تلك الأسئلة الفادحة عن الجدوى.. لخف الهواء وخفت ضجيج الشارع…بركة طين أمام باب العمارة.. أقفز من فوقها كل صباح في طريقي الى العمل.. تمتص تلك القفزة الواحدة كل ما جمعته من عدة لمواجهة تبجحات المدير… أشعر بالمرض.. نزلة برد خفيفة لا تحتاج لإجازة مرضية ولا أطباء… هل تقفز انت ايضا فوق تلك البركة؟ هل تشعر بالتوعك كل صباح…لا نقول… كلانا يقفز… ولا أحد يقول..

2-
لم تشتك من نقصٍ . لم أنقصك. مرتاح أنت كما أبداً في قنوطك.. “لا مشاكل إذا قررنا أن لا مشاكل” كنت تقول قبل كل غياب وأنا صدقت غرقك.. قلت لنفسي ليس غرقاً يؤخذ على محمل تذمر.
طلبت ما كنت أظنه مستطاعاً.. “أرسل لي رائحتك كلها بالبريد” وإنتظرت. لم أعلم أنك ستضيع مني وأنت تبحث عن كلمات مناسبة تحملها البطاقة المرفقة.
(زعلت) من التأخير، قلت لك “أنا ذاهبة.. همم؟ همم؟”
“أنت حرة” كان جوابك.
أنا حرة؟ ما معنى هذا؟ ما همني بالحرية؟ كلمة غير مفهومة، كلمة وقحة كديك، وقحة كشرطي، وقحة كمسطرة، وقحة كنصيحة… ما دخل الحرية في مشكلة بين حبيبين؟
يا ربي كيف أشرح له؟

في هذا الغياب، الوقت.. الطبيب البارد، يشفي جراحاً أريدها مفتوحة. أزور، أتشقلب كبهلوان لأضلل حكمته… ويضيق الرجاء.

الصورة: ادوارد مونك

عن جفرا سيف الدين

جفرا سيف الدين
كاتبة من سوريا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.