جدار أخير

مشهد منتظم - مايا لين

جدار أخير

هذا الشوق غريبٌ
يتسللُ إلى قلبي كسرب نملٍ
يحفرُ ثقوباً عميقة ثم يطمرها تراباً
هل لهذا أشعر أن روحي تختنق دائماً؟

ـ الوحدة هنا تشبه رنين هاتفٍ طويل في منزلٍ مهجور، وحده صدى الرنين الطويل يُشبع الفراغ بعويل لا ينتهي.
المنزل المهجور، نباتات الشرفة التي نَسيها أصحابها، الرطوبة، الأشباحُ التي تسكن الصور المائلة عن الجدران المهترئة،قطع الأثاث الذي تعلوها طبقات سميكة من الغبار،خيطٌ رفيعٌ من الماء يسيل بهدوءٍ الهدوء،الصمت المطبق،الساعة المتوقفة ..
كلّ ذلك يشبه الوحدة،يشبهها كثيراً دون أن تنتهي أو ننتهي..
أحتاج دائماً إلى سببٍ مهما كان سخيفاً ليجعلني أحزن
عندما أحزن أبكي فقط
وعندها أشعر أني لازلت أحتفظ بنقاءٍ ما
أستفزه هكذا..
هذا مريحً، مخدّرٌ، منعشٌ
لا زلت صالحةً إذاً، صالحة للحزن.
لا أعتقد أن حزناً كهذا يمكن أن يفسد يوماً.
حزنٌ كهذا لا يزيد ولا ينقص
يبقى على حاله
وهذا ما يجنبه عناء الإنتهاء…
..

قلبكَ نايٌ يحتضرُ
كلّما لمستُ ثقباً
أسمع أنيناً طويلاً يشقُّ قلبي.
ـ لا أعرف كيف أحبّكِ دون أن أقتل نفسي بعدها..
ـ لا أعرف كيف أحبّكَ دون أن أقتلك بعدها.
ـ لكني أريد أن أمشي معك إلى البحر
وأن تسرق لي تفاحة أيضا في الصباح.
ـ ما الحب؟
حبقة..
هذا أكثر منطقية
..

أبي..
هل تصدق قصص الجنيّات؟
كل ليلة أفتح قبرك، أشلع من فمك سنّاً ثم أضعه تحت مخدتي أربّتُ عليها بنعومة قبل أن أنام وبعينين تملأهما الدهشة أنتظر أن تجلبك لي الجنيّات في كل صباح.

ـ هاجس.
مجموعة من الغرباء يقفون على جانبي الطريق يخرجون قلوبهم ويقومون بالتهامها بنهم ثم
يضحكون طويلاً بشكل هيستيري، البارحة عندما لم تأتِ أخرجتُ قلبي والتهمته أمام الجميع ثم ضحكت طويلا..
نحن جثث كل من قتلناهم
نحن جثث كل من سنقتلهم
هكذا ننظر إلى أنفسنا دائما
كمقابر جماعية
أنت مقبرة جماعية مزدحمة
تستطيع أن تفقأ عينيك الآن
لو أردت..

ـ في المساء حين تكون الوحدة كرغيف
قمر وحيد يجتمع عليه ذباب الوحيدين مثلنا،انظر إليه..
هناك أحد ما في هذا العالم وحيدٌ وينظر إلى القمر مثلك،ربما قد تتلاقى نظرتكما هناك في نقطة ما
ثم قد يحصل بعدها إنفجار كوني جديد.

ـ عندما كنت طفلة صغيرة كنت أتردد على جدتي كثيراً،كانت تملك حديقة صغيرة فيها زهور ونباتات مختلفة،مع ذلك كنت أزور نبتة واحدة فقط.
قالت لي اسمها مراراً ولكني لم أعد أذكره الآن، كانت نبتة رائعة بأوراق خضراء مخملية منكمشة
على نفسها وكنت أراقبها بدهشة غريبة ثم أقترب بهدوء لأمدَّ أصبعي وألمس ورقة منها، كانت تتفتح وحين أزيح اصبعي عنها سرعان ما تعود للإنكماش على نفسها.
هل كانت خائقة؟
المسني أنا خائفة، المس قلبي ليتفتح كبرعم صغير.

عن يارا باشا

يارا باشا
مدونة سورية

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.